رغم الانتقادات الكثيرة الموجهة في السنوات الأخيرة إلى الاتفاق الموقع بين الحكومتين المغربية والإسبانية، والقاضي بانتقال الآلاف من العاملات الموسميات المغربيات للاشتغال مؤقتا في حقول الفواكه الحمراء بالجارة الشمالية، فإنه لايزال يعتبر مصدر دخل لآلاف الأسر المغربية حتى في زمن كورونا، لكنه يعد، أيضا، مصدر دخل للخزينة العامة الإسبانية. فإذا كان الاتفاق يسمح للآلاف من الأسر المغربية بضمان قوت عيشها السنوي، ويضمن للدولة المغربية مناصب شغل مهمة، فإنه يوفر، كذلك، اليد العاملة غير المكلفة للحكومة الإسبانية، وعائدات مهمة على شكل ضرائب. في هذا الإطار، دفعت بعض الانتقادات الحقوقية الحكومة الإسبانية إلى كشف بعض التفاصيل المالية لعملية انتقال العاملات المغربيات للاشتغال في حقول الفواكه الحمراء هذه السنة في منطقة «ويلفا». إذ إن كل عاملة مغربية تحصل مقابل كل يوم عمل على 473 درهما، فيما تحصل العاملة الواحدة في الشهر في حال لم تتغيب أي يوم على مبلغ 14201 درهم. لكن الدولة الإسبانية تقتطع لنفسها 8.33 في المائة من الأجر على شكل ضريبة على الدخل، علما أن المقاولة المتعاقدة مع العاملات المغربيات تدفع أيضا 23.71 في المائة ضريبة عن كل أجير. واختارت مندوبية الحكومة الإسبانية في الجنوب الإسباني مجلة «لامار دي أونوبيا»، المهتمة بقضايا العمال الفلاحيين في الجنوب الإسباني، لكشف هذه المعطيات، مبرزة أن مداخيل العاملات المغربيات ال7081 اللواتي انتقلن هذه السنة إلى إسبانيا بلغت 40 مليار سنتيم، كما أنهن تركن على شكل ضرائب واقتطاعات 17 مليار سنتيم. وتنتهي عقود عمل كل المغربيات في ال30 من الشهر الجاري، لكن السلطات الإسبانية قررت تمديد تأشيرة إقامتهن إلى غاية 31 يوليوز المقبل لكي لا يجدن أنفسهن في وضعية غير قانونية لأسباب خارجة عن إرادتهن، وهو ما سيمكن بعض المحظوظات منهن، اللواتي جرت إعادة انتشارهن في ضيعات أخرى لجني فواكه أو خضر أخرى، من كسب المزيد من المال. وتظهر المعطيات ذاتها أن الفوج الأولى من الملتحقات بالضيعات الإسبانية، المكون من 494 مغربية، اشتغل 6 أشهر كاملة تقريبا، وهو ما سمح لكل واحدة منهن بكسب مبلغ صافٍ بلغ 79 ألف درهم؛ فيما الفوج الثاني المكون من 762 مغربية اشتغل 5 أشهر و15 يوما، ما يسمح لكل واحدة منهن بربح 68 ألف درهم، في حين يتكون الفوج الثالث من 1204 عاملة، واللواتي اشتغلن 5 أشهر، وكل واحدة ستحصل على 61 ألف درهم؛ فيما التحق آخر فوج بإسبانيا في بداية مارس الماضي، أي قبل الإغلاق الشامل للحدود بسبب فيروس كورونا، وهو الفوج المكون من 2075 عاملة، كسبت كل واحدة منهن في 3 أشهر 37 ألف درهم. في سياق متصل، طالب الأمين العام لاتحاد للعمال في الأندلس، سيباستيان دونير، والأمين العام لهيئات العمال بالأندلس، إمليو فيرنانديث، الحكومتين المغربية والإسبانية، بالإسراع في البحث عن «حل مستعجل» لترحيل 7081 عاملة مغربية في منطقة ويلفا، واللواتي أصبح أغلبهن في عداد العالقين مع انتهاء موسم جني الفراولة. وبعد إعلان الحكومة المغربية أنها لن تعيد كل العالقين في الخارج بسبب التكلفة الباهظة التي لن تستطيع خزينة الدولة تحملها وحدها، أوضح إمليو فيرنانديث أنه، في حال لم تحل قضية العاملات الموسميات، فستكون هناك «أزمة إنسانية»، فيما يعتقد سيباستيان دونير أن قضية العاملات المغربيات تحتاج إلى «الإرادة السياسية» من البلدين من أجل توفير «ممر إنساني». وقد انتهت عقود عمل 3800 مغربية ما بين 15 ماي المنصرم و15 يونيو الجاري، وجرى تجديد عقود عمل 2881 أخريات؛ حيث أشارت مانويلا بارالو، مندوبة الحكومة المركزية بويلفا، إلى أن عودة العاملات المغربيات إلى بيوتهن في المغرب ستنطلق بشكل تدريجي مع بداية فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ 13 مارس الماضي، حيث قالت: «هذه العودة ستكون تدريجية، وهي، في كل الأحوال، مرتبطة بفتح الحدودية المغربية، وهو العنصر الأساس»، وفق صحيفة «ويلفا إنفورماثيون»..