يتجه الجهد الإعلامي الرسمي المواكب لتدبير أزمة كورونا إلى حصر الاهتمام في الجوانب التقنية، وحتى عندما تثار القضايا السياسية يتم حصرها في المديح المعتاد الممجوج مع تغييب الأسئلة الضرورية للعمل السياسي الراشد. إن حصر الاهتمام في الإجراءات التفصيلية، مهما كانت نجاعة عدد منها، أو تفادي الأجوبة المسؤولة الصريحة عن الأسئلة الكبرى، يكاد ذلك يعصف بكل ذلك. ومن هنا تقتضي المسؤولية من الجميع طرح كل ما هنالك من أسئلة كفيلة بمعالجة تدبير أزمة كورونا في عمقها لتجنيب بلدنا المفاجآت الصادمة. ومن أبرز تلك الأسئلة ما يلي: 1- سؤال الشفافية: ويهم بالأساس الابتعاد الكبير المسجل عن الحد الأدنى المتعارف عليه بخصوص الحق في المعلومة، إذ الحق في المعلومة لا يقتصر على نشر أرقام جامدة إنما يهم بالأساس تفاصيل وحيثيات ومدخلات ومخرجات تلك الأرقام. ويكفي هنا إثارة الغموض الكبير الذي يكتنف ما يبث من أرقام متعلقة بالجائحة وصندوق تدبيرها والتي لا يتاح منها للمواطن وهيئات الرقابة المجتمعية غير بلاغات وتصريحات عامة هي أبعد ما يكون عما تعرفه المجتمعات الديمقراطية من مقتضيات الحق في الحصول على المعلومة ومساءلتها. 2- سؤال الحكامة: ويكفي هنا ألا نرى في المشهد غير وزارة الداخلية بكل تاريخها المعروف في تدبير ملفات أخرى، لنعرف المآلات. وإنه لأمر مؤسف للغاية هذا الإصرار على تجريب المجرب بالرهان المتكرر على توقع النجاح بالاعتماد على أسباب الفشل نفسها. 3- سؤال المحاسبة: وهو لا يحتاج إلى كلام طويل ما دام سؤالا مغيبا تماما من المشهد المغربي. ونحن هنا نخاطب عقلاء فلا داعي ليحدثنا أحد عن بعض حالات التضحية بالأكباش الصغيرة. 4- سؤال الحقوق: لا يمكن أن يبرر أي وضع كيفما كان أي استثناء لهضم أي حق بسيط من حقوق الإنسان، فكيف بنا نتابع استغلال ظرفية الجائحة لانتهاك حقوق أساسية وفي مقدمتها الحق في التعبير من خلال تكثيف اعتقال الصحافيين والمدونين والإصرار على إبقاء قانون 22/20 سيء الذكر على الطاولة. ويضاف إلى هذا استغلال إدارة السجون الظرفية لهضم حقوق أساسية للسجناء، وفي مقدمتهم السجناء السياسيون وسجناء الرأي، خصوصا حقوق التسريع بالمحاكمة للسجناء الاحتياطيين وحقوق الزيارة والمخابرة مع الدفاع، مما يشكل انتهاكا كبيرا لقرينة البراءة ومبدأ الحرية وما لا يسوغه داعي الإجراءات الاحترازية التي يفترض تدبيرها بما لا يمس الحقوق. 5-سؤال المواطنة: ويكفي في حرقة هذا السؤال الفشل المبين في إعادة أكثر من ثلاثين ألف مواطن عالق بالخارج إلى بلدهم على عكس مجمل دول العالم التي جعلت هذا الملف في طليعة أولوياتها.