في تطور جديد لقضية التعذيب التي فجرها شاب من ضواحي مدينة غفساي بإقليمتاونات، تعرض لها، وفق روايته، داخل مكتب قائد نهاية الأسبوع الفائت؛ روى "أيوب الراجي"، وهو طالب بالسنة الثانية شعبة علم الاجتماع بكلية الآداب بظهر المهراز بفاس، تفاصيل مروعة ل4 ساعات من المعاناة، عناوينها احتجاز وصفع وسب وشتم، إذ قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، فتح بحث في الشكاية التي توصل بها يوم أول أمس الثلاثاء من الشاب، مؤازرا بمحامين انتدبتهم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وحسب المعلومات التي أوردها مصدر قريب من الموضوع، فإن الوكيل العام للملك بفاس، والذي يعود له اختصاص النظر في الشكاية المقدمة ضد رجل سلطة برتبة قائد، بحكم تمتع هذا الأخير بمسطرة الامتياز القضائي، قام يوم أول أمس الثلاثاء بالتأشير على الشكاية التي توصل بها عن طريق "الإيمايل" من الطالب المشتكي، كما تفرض ذلك التدابير الاحترازية المعتمدة بسبب جائحة كورونا، حيث أحال الوكيل العام، تضيف مصادر الجريدة، الشكاية على نائبه المختص في التحقيق مع الأشخاص الخاضعين لمسطرة الامتياز القضائي، طبقا للمادة 267 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تشمل الفئة الثالثة الخاضعة لهذه المسطرة، وتضم قاض بالمحكمة الابتدائية نيابة أو رئاسة عادية أو متخصصة، الباشا، الخليفة، رئيس الدائرة، قائد المقاطعة أو القيادة وضابط الشرطة القضائية، فيما ينتظر أن تحسم النيابة العامة في الجهة الأمنية التي ستكلفها بإجراء البحث التمهيدي، إذ يحتمل، حسب ما كشفته مصادرنا الخاصة، أن تتكلف به الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن فاس. وتطرقت شكاية الطالب، التي اطلعت عليها النيابة العامة يوم أول أمس الثلاثاء، ووافقت على إجراء بحث في شأنها، إلى واقعة الاحتجاز والتعذيب والإهانة والتهديد، وهي الأفعال التي تعرض لها المشتكي بحسب روايته، على يد قائد قيادة "أورتزاغ" بدائرة غفساي ضواحي تاونات، عززها بقرص مدمج يتضمن تسجيلا صوتيا يوثق ما تعرض له داخل مكتب رجل السلطة، وشهادة طبية تحدد مدة عجز المشتكي في21 يوما. وفي هذا السياق، قال الطالب أيوب الراجي، في اتصال هاتفي أجرته معه "أخبار اليوم"، إنه تعرض لأسوأ عملية إذلال في حياته، على يد قائد منطقته التي يقطن بها بضواحي تاونات، كاشفا للجريدة بانهيار تام، "لقد عنفني القائد داخل مكتبه وعذبني، وأهانني بالسب والشتم، ونعتني بأفظع النعوت على مرأى ومسمع من أعوانه وموظفيه". وتعود وقائع هذه القضية التي هزت إقليمتاونات نهاية الأسبوع الماضي، كما حكاها ضحية رجل السلطة ل"أخبار اليوم"، إلى صبيحة يوم الجمعة الماضي، عندما تعرض أب الطالب أيوب الراجي لطارئ صحي نتيجة معاناته من الاحتباس البولي الناتج عن تضخم "البروستاتا"، وهو ما دفع الابن إلى التوجه من دوار "المروج" حيث تقطن عائلته، إلى المستوصف الصحي الكائن بجماعة "قيادة أورتزاغ" بضواحي غفساي، طلبا لنقل والده بشكل استعجالي إلى المستشفى الجهوي الغساني بفاس، غير أن سائق سيارة الإسعاف التابعة للجماعة رفض مساعدته، ما دفع الشاب الخائف على صحة والده إلى طلب لقاء القائد، حيث التمس أيوب الراجي من القائد التدخل لتمكينه من نقل أبيه إلى أحد مستشفيات فاس بالنظر لحالته الصحية الحرجة، لكن رجل السلطة، يحكي الشاب، رد عليه بأن الجميع مشغول بأمور جائحة كورونا، قبل أن يرغمه على مغادرة مكتبه متحججا بأن أمورا كثيرة تنتظره. رفض الطالب العودة بخفي حنين إلى والده الذي يتألم من الوجع، فأصر على إعادة ملتمسه وتوسله للقائد بغرض الاتصال برئيس الجماعة، والضغط على سائق سيارة الإسعاف لأجل نقل والده إلى المستشفى، لكن رجل السلطة ثار غاضبا في وجهه، و"وبدأ يسبني ويشتمني بكلام ساقط، قبل أن يقوم بإغلاق باب مكتبه، ثم شرع في صفعي وتعذيبي، متسببا لي في خدوش على مستوى العنق وكدمات في أنحاء مختلفة من جسمي". وبعد أن أوسعه ضربا وإهانة، أضاف الشاب في حديثه للجريدة، قام القائد بإحضار أعوان السلطة وموظفيه، والذين عاينوا واقعة الاعتداء عليه، إذ جمعهم بمكتبه، وطلب من أحد الموظفين إحضار ورقة وقلم، ثم شرع في إملاء وقائع مخالفة لما حصل، ثم أرغمه تحت التهديد والضرب بالتوقيع على هذا المحضر، والذي حول الشاب، كما قال، من ضحية لشطط القائد إلى متهم، حيث احتجزه بعد التوقيع على هذا المحضر تحت الإكراه، لمدة تزيد عن ثلاث ساعات، قبل أن يخلي سبيله متوعدا إياه بإدخاله السجن، يقول الشاب وهو يعيد بانهيار تام تركيب ما تعرض له. عاد الشاب منكسرا إلى المستوصف الصحي "بجماعة أورتزاغ"، والذي يبعد بمسافة قليلة عن مقر القيادة التي تعرض فيها للتعذيب والإهانة، لعله يجد من ينقذ والده من الموت، حيث وقعت عينه على عون سلطة برتبة "شيخ" لم يكن حاضرا في واقعة القائد، فتوسل إليه لمساعدته، وهو ما حصل، إذ نجح "الشيخ" في إقناع سائق سيارة الإسعاف التابعة للجماعة بالتوجه إلى الدوار الذي يوجد به والد الشاب ونقله نحو أحد مستشفيات فاس، وهناك خضع الرجل المسن لعملية جراحية عاجلة، أنهت معاناته بعدما تعرض للاحتباس البولي الناتج عن تضخم "البروستاتا". بعد أن اطمأن الشاب على حياة والده الذي خرج سالما من وعكته الصحية، عادت به المواجع إلى ما تعرض له من إهانة وتعذيب بمكتب القائد، ففكر في نشر تظلمه على مواقع التواصل الاجتماعي، معززا بتسجيل صوتي نجح في تسجيله على هاتفه النقال، بدون أن يلتفت إليه القائد وأعوانه وموظفيه، حيث يوثق التسجيل الذي عزز به الشاب شكايته الموضوعة على مكتب الوكيل العام للملك بفاس، كل ما دار بمكتب القائد وما صدر منه من كلام ناب وإهانة وتعذيب وتهديد وإرغام للطالب على توقيع محضر زور كل الوقائع، متهما رجل السلطة بتحويله من ضحية إلى متهم، حيث عرف هذا التسجيل متابعة قياسية بمواقع التواصل الاجتماعي، أسفرت عن حملة واسعة للتضامن مع الطالب أيوب الراجي، مقابل التنديد بتصرفات قائد "قيادة أورتزاغ" بدائرة غفساي ضواحي تاونات. هذا وعجلت هذه الحملة التضامنية الواسعة مع الطالب أيوب الراجي، داخل إقليمتاونات وخارجه، بدخول مصالح وزارة الداخلية بالرباط على الخط، إذ طالبت من السلطات المحلية بعمالة تاونات بفتح بحث إداري في الواقعة، والتأكد من صحة التسجيل الصوتي المنشور على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، والمتضمن لكلام ناب وفاحش صادر عن قائد "قيادة أورتزاغ" بدائرة غفساي، حيث أصدرت وزارة عبد الوافي لفتيت، بداية الأسبوع الجاري، بلاغا أعلنت فيه عن توقيف رجل السلطة المعني عن العمل، في انتظار عرضه على المجلس التأديبي بالمصالح المركزية لوزارة الداخلية، من أجل البت في الإخلال المهني والتجاوز الوظيفي المنسوبين إليه، واتخاذ الإجراءات التأديبية والإدارية اللازمة في حقه، كما جاء في بلاغ وزارة الداخلية. وتأتي واقعة الشاب أيوب الراجي، والذي يتهم قائد "قيادة أورتزاغ" بدائرة غفساي باحتجازه بمكتبه وتعريضه للتعذيب والإهانة، بعد حادث مماثل هز مدينة تاونات نهاية شهر أبريل الماضي، عقب وفاة مسنة خلال هدم بيتها العشوائي، بالحي الشعبي "واد الملاح" بمدينة تاونات، حيث تواجه "القائدة" بالمحلقة الإدارية الثانية بمدينة تاونات، معية أعوانها ورجال القوات المساعدة الذين حضروا لمعاينة عملية الهدم، تهمة "عدم تقديم مساعدة لشخص في حالة خطر"، بعدما امتنعوا عن إحضار سيارة إسعاف لنقل المسنة خلال سقوطها مغشيا عليها وهي تحاول منع السلطات من هدم بيتها، وهي الشكاية التي أحالها مؤخرا الوكيل العام للملك بفاس على الفرقة الجهوية للشرطة القضائية قصد الاستماع إلى المشتكين من عائلة المسنة الهالكة، وكذا تصريحات المشتكى بهم، على رأسهم "القائدة" وعون سلطة.