الممثلة فاطمة بوجو، واحدة من الأسماء الفنية النسائية البارزة في ساحة التمثيل بالمغرب، عطاؤها متنوع في ميدان درسته، وتكونت فيه، إذ تجدها حاضرة في المسرح، والسينما، والأعمال التلفزية، مستثمرة تكوينها في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، ودراستها المعمقة تخصص مسرح، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس. أطلت فاطمة بوجو، في رمضان الماضي، علي الجمهور، كضيفة شرف في ستكوم “الكوبيراتيف”، كما أنها من المشاركين في الفيلم السينمائي “قصر النظر” للمخرجة سناء عكرود، والذي نال 3 جوائز في كندا، قبل مدة قصيرة. “اليوم 24” حاور فاطمة بوجو حول العملين المذكورين، وطرح عليها أسئلة عن الدراما المغربية، ووضع الفنان في زمن كورونا، فأعلنت أنها مؤيدة لطرح دعمه ماديا في هذه الظروف. بداية، فاطمة بوجو أنت من المشاركين في فيلم ” قصر النظر”، الحاصل على جوائز في كندا، أخيرا، حدثينا عن قصة الفيلم الفيلم السينمائي “قصر النظر” للمخرجة، والممثلة سناء عكرود، يحكي قصة امرأة قروية مكافحة من جبال الأطلس، تضطر، وهي حامل في شهرها السادس، للسفر إلى المدينة لاصلاح نظارات الرجل الوحيد في القرية، الذي يعرف القراءة، والذي من دون نظاراته لن تتمكن من قراءة الرسالة الأولى المنتظرة من زوجها، الذي سافر للعمل بالخارج لتجد نفسها في خضم أحداث لم تكن تخطر لها على البال. كيف كانت التجربة مع سناء عكرود، خصوصا أنها ممثلة ومخرجة في الآن ذاته؟ سعيدة بمشاركتي في هذا الفيلم السينمائي، وذلك بعد عملي معها، أيضا، في الفيلم التلفزي “عرس الذيب”، فنجمة الشاشة المغربية حققت شهرة واسعة على مستوى التمثيل، كما استطاعت أن تترك بصمتها في الإخراج، تتعامل مع الممثل بنبل، وبتقدير على كل المستويات…، وفخورة بمشاركتي في هذا الفيلم، الذي عرض بمهرجان الإسكندرية في مصر، كما تم عرضه بمهرجان السينما العربية في الدارالبيضاء.. وحظي بتغطية إعلامية كبرى، كما حصل، أخيرا، على 3 جوائز دولية في مهرجان “نظرة من هنا” في مونتريال في كندا، هي جائزة أفضل فيلم، والجائزة الخاصة بلجنة التحكيم، وجائزة التشخيص لسناء عكرود عن دورها فاطم.. تشتغلين في فيلم سينمائي جديد وتوقف مع الحجر.. قربينا من ظروف توقف تصويره، وهل هناك أخبار عن استئنافه؟ نعم، في 17 مارس الماضي، كان مقررا انطلاق تصوير فيلم سينمائي، لكن مع الحجر الصحي، وحماية للجميع، قرر المخرج تأجيل التصوير.. وأظن أنه من الصعب الحديث، الآن، عن تاريخ العودة إلى التصوير في ظل الظروف، التي نعيشها.. ونأمل خيرا دائما، كما أن التأجيل طال، أيضا، تصوير فيلم قصير في الدارالبيضاء. ماذا عن أعمالك المسرحية؟ الحجر أوقف تدريبات مسرحية جديدة، كنا ولانزال نشتغل عليها عن بعد، كما أوقفت الظروف جولتنا المسرحية (حنا ولا هما)، التي أخرجها الحبيب لصفر، والتي كانت قد دعمتها وزارة الثقافة للموسم السابق، كما توقفت تدريبات مسرحية أخرى، كنا بصدد التهييئ لها.. توقفنا عن العمل كما حصل مع كل المغاربة في كل المجالات.. ونتمنى فرجا، ويسرا للجميع. شاركت في بعض حلقات سلسلة “كوبيراتيف” الرمضانية.. كيف كانت هذه التجربة؟ شاركت ضيفة في سلسلة كوبيراتيف، خلال شهر رمضان، وكنت سعيدة بوجودي مع نخبة من أجود الممثلين المغاربة، ومع فريق عمل منسجم، ويشتغل باحترافية في كل شيء.. انبهرت بالمستوى العالي، الذي وصل إليه، حاليا، داخل بلاطو التورناج. الدراما المغربية شهدت هي الأخرى تطورا َملحوظا، ما تعليقك عن هذا التحول؟ أنا جد فخورة بأن الدراما المغربية حققت الاكتفاء الذاتي على مستوى البرمجة الكاملة للأعمال المغربية على القناة الأولى والثانية، وكذلك ساهمت في فرجة ممتعة، وأغلب الممثلين كانوا في قمة التألق في تشخيصهم لأدوارهم.. ، نعم يحق لنا أو نفرح كون قنواتنا لم تستورد أي عمل أجنبي، كما في السنوات السابقة. نفخر بنجاح الدراما المغربية في استقطاب الجمهور المغربي بنسبة 75 في المائة من نسبة متابعة الجمهور للقنوات المغربية ..هذا نجاح تحقق بمجهودات، وتضحيات كل العاملين في القطاع الفني، لهم منا جميعا كل المحبة والتقدير.. نجاح الدراما المغربية خلال رمضان مؤشر إبجابي على ارتفاع عدد الانتاجات الوطنية في المستقبل.. هذا كل ما نطمح إليه لتتوفر فرص الشغل للجميع، ونتمني أن نعود جميعا إلى بلاطو التصوير فقد اشتقنا إليه. الفنانون تضرروا ماديا زمن الجائحة، وهناك من طالب بدعم الأكثر تضررا بينهم من طرف صندوق كورونا.. الموضوع خلق نقاشا وفئة معارضة لهذا الأمر.. ما رأيك؟ نعم تضرر الفنانون، وكل العاملين في القطاع الفني من التوقف عن العمل، مثلهم مثل باقي المغاربة.. النقاشات، التي تطرح على مواقع التواصل الاجتماعي لا تمثل كل المغاربة، بل فقط جزءً صغيرا جدا من أصل 35 مليون ونصف المليون مواطن مغربي، لذلك لا أعتبرها أصواتا فعلية، أغلبها يختبئ وراء اسم مستعار، وصورة مزيفة… وكل إنسان عاقل يعرف بأن فريق العمل في أي إنتاج إبداعي ينقسم إلى فريق فني، يشمل الممثلين، والمخرج، علما أن الممثل لا يحظى بعمل مستمر يضمن له تغطية مصاريف السنة، فما بالك أن يتوقف التصوير لشهور، وأيضا هناك فريق تقني كبير العدد فيه المسؤولون عن التصوير، والصوت، والاضاءة، والسيناريست، والماكياج، والملابس، والديكور، والأكسسوار، والسكريبت، والكاستينغ، والفوتوغراف، والمحافظة، وفريق المونتاج، والسائقون، وفريق التغذية، وفريق النظافة، وغيرهم، كلهم عمال يعملون بأجر، وعندما يتوقف التصوير ينقطع رزق هؤلاء، فمن يتجرأ وينفي حقهم في التعويض من صندوق كورونا؟ هم كذلك مواطنون لهم عمل مؤقت، وتستخلص الضرائب من أجورهم مباشرة، أضف إلي ذلك فئة الممثلين العاملين بالمسرح.. منهم من لم يتوصل حتى الآن بالشطر الأخير من دعم الانتاج للموسم الماضي. توقف الجولات المسرحية المحلية والوطنية والدولية، أثر، كذلك في العاملين في القطاع، لأنه تزامن مع الفترة، التي تتوفر فيها فرص الشغل عادة .. كما لا يجب أن ننسى من يشتغلون في عروض الطفل، سواء ي المدارس، أو دور الشباب، وحتى في عروض خاصة بحفلات أعياد الميلاد، وجميع هؤلاء لهم ضمان صحي، وفي الوقت نفسه محرومين من ضمان اجتماعي، أضف إلى ذلك المغنيين، والملحنين، وكتاب الكلمات، وفرق الموسيقيين.. والفرق الموسيقية الشعبية، التي تعمل في المهرجانات الثقافية، والفنية، وفي الأعراس والحفلات، واللائحة طويلة من العاملين في القطاع الفني. كيف عشت فترة الحجر، الذي لايزال مستمرا، لأزيد من شهرين؟ عشت فترة الحجر الصحي بقلب مطمئن، ومن دون خوف، محترمة قرار عدم الخروج، وشروط الوقاية، أقوم بعملي تجاه وطني من خلال العديد من اللقاءات المباشرة مع الشباب على مواقع التواصل، التي نظمتها جمعيات، ومديريات وزارة الثقافة، ومراكز ثقافية، وأيضا، من طرف الشباب.. كما كنت أستجيب لكل طلبات تصوير فيديوهات تشجعية لدعم تلاميذ المؤسسات التعليمية.. وتوعوية موجهة إلى المواطنين للالتزام بالحجر الصحي، واتباع كل شروط الوقاية، وكذلك تسجيل فيديوهات، أو لقاءات مباشرة على بعض القنوات المغربية، والعربية.. كما كنت أقضي أغلب وقتي في القراءة، ومشاهدة الأفلام الأجنبية، وأحيانا بعض” الشهيوات” بالمطبخ، والمشي بسطح العمارة يوميا.. كما أني أتدرب عن بعد على مسرحية ثلاث مرات في الأسبوع… الحمد لله على قدرة التأقلم مع كل الظروف، مهما كانت صعبة أو شاقة، المهم نحن أقوى من كل شيء، وكورونا، والحجر اعتبرهما من تجارب الحياة، التي ننضج من خلالها، ونتعلم منها الكثير. أستغل الفرصة لتوجيه كل التقدير والاحترام للملك محمد السادس، ولكل جنود هذه الأزمة من الفرق الطبية، والأمنية، والسلطات المحلية، والقوات المساعدة، والجيش، وعمال النظافة، والعاملين في قطاع النقل، والتغذية، وذلك على تضحياتهم من أجل ضمان سلامة الجميع. ما الشيء الذي تشتاقين إليه في الحياة الطبيعية؟ اشتاق بشدة لشيئين، وعانيت كثيرا من حرماني منهما: المشي على شاطئ البحر، ونزهتي في الحديقة، فهما يدخلان في إطار روتيني اليومي بعد العمل، وهما متنفسي الوحيد، الذي أسترجع من خلاله طاقتي الجسدية. في ختام الحوار، ماذا تود فاطمة بوجو أن تقول لجمهورها؟ الحياة جميلة وسهلة، تعلمنا أن نعيشها كما هي، وليس كما نحب أن نكون، اللحظة هي أهم ما نملك، إلى جانب الحمد، والرضا المبني على أن كل شيء زائل، وأن كل مشكلة، أو عائق هو مؤقت، يزول بسرعة إن تقبلناه كما هو.. هذا هو طريق السلام الحقيقي، الذي يفتح كل الأبواب المقفولة في الأوجه.. أخيرا أقول شكرا لكم جميعا على دعمكم المتواصل على مواقع التواصل، وإعلاميا أيضا، فهذا ما يمنحنا نحن الفنانين القدرة على تجاوز محنة قلة فرص الشغل في المجال الفني، لكن يظل لنا أمل دائم بتزايد عدد الانتاجات مستقبلا.