لم يعد يفصلنا عن تاريخ 20 ماي، موعد انتهاء أجل الحجر الصحي، سوى أيام، ومع اقتراب الموعد يطرح المواطنون الكثير من الأسئلة من قبيل: هل سيُسمح بحرية التنقل، على الأقل في حدود معينة؟ هل سنحتاج دائما إلى ترخيص السلطات للتنقل؟ هل ستفتح المدارس؟ هل ستبدأ الأنشطة الحرة في العمل؟ الناس تعبوا من الحجر الصحي، ويريدون جوابا عن كل هذه الأسئلة وغيرها، لكن، إلى حد الآن، لا يوجد جواب واضح من الحكومة، والخرجتان الإعلاميتان الأخيرتان لكل من رئيس الحكومة ووزير الصحة في القناة الأولى لم تقدما أي جواب واضح. كل ما قاله المسؤولان هو أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مكنت من تفادي سقوط العديد من الضحايا. العثماني قال إنه جرى تفادي 200 حالة وفاة في اليوم، وآيت طالب تحدث عن تفادي 6000 وفاة منذ فرض الحجر، وكأن الرسالة هي أن الحجر أظهر فعاليته ويمكن الاستمرار فيه، وقد قال وزير الصحة صراحة إن «أي قرار متسرع وغير محسوب يمكن أن ندفع ثمنه». فماذا يعني ذلك؟ هل يمكن تمديد الحجر؟ وإلى متى؟ حتى التمديد أصبح مشكلة اجتماعية نفسية واقتصادية. الناطق باسم الحكومة، سعيد أمزازي، بدوره، كتب تدوينة يوم أمس قال فيها: «للأسف.. لسنا بعد في مأمن من هذا الوباء»، وإنه بعدما «كنا نظن في الأسبوع المنصرم أن الحالة الوبائية ببلادنا في تحسن، وأننا نبتعد شيئا فشيئا عن مرحلة الخطر، وأننا نتحكم في وضعية الوباء بشكل جيد»، لكن، «على المغاربة أن يستوعبوا أن المعركة لم تنته بعد»، داعيا إلى مواصلة «الصمود». المؤشرات الوبائية التي أشار إليها أمزازي في رسم بياني تظهر أن المغرب حقق تحسنا في مؤشرين؛ الأول هو تراجع عدد الوفيات، فبعدما وصل عدد الوفيات إلى 48 وفاة ما بين 6 و12 أبريل، وهو أعلى عدد من الموتى أسبوعيا، بدأ العدد يتراجع تدريجيا لنصل إلى 13 وفاة ما بين 27 أبريل و3 ماي، ثم 14 حالة وفاة ما بين 4 و10 ماي، أي بمعدل وفاتين في اليوم تقريبا، لنصل اليوم إلى مجموع 188 حالة وفاة. أما المؤشر الثاني، فهو ارتفاع ملحوظ في عدد المتعافين من الفيروس كل أسبوع، فقد انتقلنا من 266 حالة شفاء مسجلة خلال الأسبوع الثامن من بداية الوباء، أي ما بين 20 و26 أبريل، إلى مجموع 845 حالة شفاء في الأسبوع التاسع، ثم إلى 1116 ما بين 4 و10 ماي، أي أن حالات الشفاء في تصاعد مستمر، وقد وصلت إلى 2759 حالة في 11 ماي. لكن هناك مؤشرا مقلقا يتعلق بعدد الإصابات التي لم يقع التحكم فيها بعد. إلى حدود صباح الاثنين 11 ماي، بلغ عدد الإصابات 6226، وجرى تسجيل أكبر حصيلة في الأسبوع السابع ما بين 13 و19 أبريل، ب1210 إصابات. لكن، في الأسبوع التاسع ما بين 27 أبريل و3 ماي، سجل تراجع عدد الإصابات إلى 838، وكان ذلك مؤشرا إيجابيا، لكن، حدثت المفاجأة، وعادت الإصابات لترتفع في الأسبوع الموالي، ما بين 4 و10 ماي، لتسجل 1160 إصابة. إذا أضفنا إلى هذه المعطيات أن 80 في المائة من المصابين هم دون أعراض، وأن نسبة لا تتعدى 5 في المائة منهم في حالة حرجة، فإننا نتساءل: هل هذا يشجع الحكومة على رفع تدريجي لحالة الطوارئ؟ لا شك أن هذا القرار يعتمد على دراسة وتحليل السلطات الصحية للمعطيات الوبائية، لكن معظم الدول التي شرعت في الرفع التدريجي للحجر الصحي لم تقض نهائيا على الفيروس، بل سجلت فقط تراجعا في الإصابات وفي عدد الأشخاص في وضعية حرجة، وفي عدد الوفيات. في فرنسا، مثلا، التي شرعت في رفع تدريجي للحجر بدءا من الاثنين 11 ماي، وصل عدد الموتى إلى أزيد من 26 ألفا، ولايزال هناك حوالي 3000 شخص تحت العناية المركزة، وحوالي 23 ألفا في حالة استشفاء، لكن، عموما، سجل تراجع في المؤشرات. قامت الحكومة الفرنسية بتقسيم البلاد إلى منطقتين؛ حمراء وخضراء، ولكل منهما مستويات من رفع الحجر. المنطقة الحمراء حيث لايزال الفيروس متفشيا، والخضراء تشهد انتشارا أقل للفيروس. تقرر فتح المدارس والحدائق، والسماح بالتنقل مسافة 100 كلم، مع استثناء المقاهي والمطاعم والبارات ودور السينما، وهناك مسار متدرج إلى يونيو لرفع الحجر. وفي المغرب، فإن هناك جهات ومناطق لم تسجل إصابات بالفيروس، وإجراءات مراقبة الحجر فيها مخففة أصلا، ومدنا أخرى عدد المصابين فيها محدود جدا، أما المدن التي ارتفع فيها عدد المصابين بسبب بؤر عائلية أو مهنية، فهي معروفة ومحدودة، مثل الدارالبيضاء ومراكش وطنجة، والرباط أخيرا. فهل يمكن أن تستفيد مناطق من رفع الحجر بمستويات أكبر من أخرى؟ وهل يمكن السماح بحرية تنقل محدود بالتزامن مع فتح النشاط الاقتصادي، مع اتخاذ تدابير احترازية صحية؟ لا أحد من المسؤولين يجب عن هذا السؤال. هناك حديث عن إعداد السلطات مخططا وطنيا لرفع الحجر الصحي، ووضع سيناريوهات لهذا الغرض، لكن متى يُكشف ذلك؟ نتمنى تحسن الحالة الوبائية ورفع الحجر قريبا.