يبدو أن الأهمية الحيوية التي تكتسيها الحدود البرية الفاصلة بين الداخل المغربي والثغرين المحتلين سبتة ومليلية، بالنسبة إلى الإسبان، تجعلها حاضرة في النقاشات والجدل بين المعارضة والأغلبية الإسبانيتين في عز أزمة فيروس كورونا المستجد، حيث من المفروض أن يكون اهتمام الفرقاء السياسيين الشماليين منصبا كليا على الخروج من الأزمة الصحية والاقتصادية التي تضرب البلد منذ أواخر فبراير الماضي. ويبدو أن الحزب الشعبي المتحالف مع اليمين المتطرف، المتمثل في حزب «فوكس»، يحاول، مرة أخرى، لعب ورقة المغرب لإحراج الحكومة الائتلافية الحالية، بعدما عجز عن توظيف أزمة فيروس كورونا ضدها. إذ يضغط الحزب الشعبي على رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، للتدخل لدى الحكومة المغربية لمعرفة «مخططات المغرب بخصوص مصير الحدود البرية للمغرب مع سبتة ومليلية» بعد إغلاقها كليا في 15 مارس المنصرم إلى أجل غير مسمى، تجنبا لتفشي الجائحة. وذهب الفريق البرلماني الشعبي بعيدا في استعمال ورقة المغرب، إذ تقدم بمقترح غير ملزم لمجلس النواب الإسباني يهدف إلى «تنسيق كل التحركات المرتبطة بتدبير حدود المدينتين المستقلتين سبتة ومليلية، عبر وزارة الخارجية». ويزعم الفريق البرلماني الشعبي أن «العلاقات الإسبانية المغربية تفتقر في الوقت الراهن إلى التدبير المنسق في ما يخص الحدود»، مبرزا أنه يجب على الحكومة الإسبانية «معرفة مخططات المغرب تجاه المدينتين المستقلتين»، وفق فيرناندو غوتييريز دياث، النائب البرلماني عن الحزب الشعبي. وقد يُفهم من المقترح البرلماني غير الملزم أن الحزب الشعبي يرغب في سحب بساط تدبير الحدود البرية مع المغرب في الوقت الراهن من وزير الداخلية الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا، الذي رد بطريقة غير مباشرة، أول أمس الاثنين من مقر الحكومة الإسبانية بمدريد، على الحزب الشعبي، قائلا إن الحدود البرية مع المغرب «ستفتح عندما تسمح الظروف الصحية بذلك» بالنسبة إلى الجانبين. وأكد مارلاسكا أن إغلاق الحدود مع المغرب «فرضته الحاجة إلى اتخاذ إجراءات وقائية وصحية» لحماية المواطنين، وأضاف أن مدريد تعمل «بشكل مشترك» مع المغرب، شارحا: «هناك علاقة دائمة ووفية ونزيهة بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية». ويتخوف الإسبان من احتمال تمديد السلطات المغربية قرار إغلاق الحدود البرية إلى ما بعد فصل الصيف. بيد أن الجدل الحالي حول الحدود البرية بين سبتة ومليلية والداخل المغربي لم يبدأ بعد تفشي فيروس كورونا، بل كان قائما قبل إغلاق الحدود البرية كليا في منتصف مارس المنصرم، وذلك بعدما أقدم المغرب، في بداية أكتوبر الماضي، على تعليق التهريب المعيشي من سبتة، إلى جانب منع بعض المنتجات المغربية، مثل الأسماك، من الدخول إلى سبتة في يناير الماضي. كما أن المغرب أغلق، في غشت 2018، المعبر الجمركي البري بني انصار بهدف إنعاش ميناء الناظور والاقتصاد الوطني المتضرر من التهريب.