وسط الجدل الكبير، الذي خلفه تسريب مشروع قانون رقم 22.20، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، والبث المفتوح والشبكات المماثلة، والذي ينص على عقوبات مشددة على الناشرين فيها دعوات مقاطعة منتجات، أو مقاطع فيديو، تضم مشاهد تعنيف مواطنين، تصل إلى ثلاث سنوات حبسا، ومطالب بإسقاطه، كشفت ملاحظات مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، موقفه من المشروع ودعواته “لتخفيف العقوبات”. وعلى الرغم من أن الرميد بدأ مذكرة ملاحظاته بعدد من المراجع الدستورية، والدولية، التي تنص على ضرورة ضمان حرية التعبير، وتحذر من تحكم الحكومات في فضاء الأنترنت، إلا أن جل ملاحظاته عن المشروع المثير للجدل، الذي وصفه الكثيرون بأنه “مشروع لتكميم الأفواه” انصبت على تعديل العقوبات، دون الرفض للمقتضيات. ومن خلال مذكرة ملاحظاته، التي وجهها، خلال شهر أبريل الجاري، إلى رئيس الحكومة، عبر الرميد عن تخوفه من أن “يفضي إلى إضعاف ثقة الناس، واجتماع كلمتهم، بل واعتبار أن الحكومة استغلت الظروف الصعبة، التي تمر منها البلاد لتمرير قانون يقيد حرية التعبير والرأي”. وأضاف الرميد، في الرد ذاته، أن المشروع، الذي يستثني الإصدارات الإلكترونية، التي تهم الصحافيين، سيؤدي إلى مفارقة، تتجسد في الفعل الواحد، الذي يأتيه شخصان، سيخضع أحدهما لقانون الصحافة، وهو القانون، الذي يخلو من العقوبات السالبة للحرية، وسيخضع الآخر لهذا القانون، بعقوباته المشددة “وهو ما لا يستساغ طبقا لما نص عليه الدستور”. وفي الوقت الذي تشترط المادة 6 من المشروع الحصول على ترخيص لإحداث شبكات التواصل الاجتماعي، قال الرميد إن هذه المادة تطرح إشكالا يتعلق بمسطرة الترخيص، وشروط منحه، وسحبه، فضلا عن كون هذه الشبكات لا وجود مادي لها، ما سيثير التساؤل حول الكيفية، التي سيتم بها ضبط موضوع يرتبط بشبكات دولية لا تقع تحت سلطة الدولة المغربية. واستغرب الرميد كيف أن المادة 17 من المشروع، التي عاقبت على الدعوة إلى مقاطعة المنتجات، والسلع بعقوبة تتراوح بين ستة أشهر، وثلاث سنوات حبسا، في حين أن المادة 15 عاقبت على التحريض على ارتكاب الجنايات، والجنح بعقوبة ما بين ستة أشهر وسنة حبسا، وقال: “فهل خطورة الدعوة إلى مقاطعة المنتجات أكثر من خطورة التحريض على ارتكاب جناية!”، مقترحا الاقتصار في التجريم على إعاقة ممارسة النشاط الاقتصادي. ودعا مشروع القانون إلى تجريم نشر، وتقاسم، وترويج محتوى إلكتروني يتضمن أخبارا زائفة، ومعاقبة الجميع بعقوبة واحدة، دون تمييز بين الناشر، والمتقاسم، والمروج، وهو ما اعتبره الرميد فيه تسوية غير مستساغة لأفعال متباينة، إذ ليس من صنع الخبر الزائف عن سوء نية كمن تلقاه، وتقاسمه بحسن نية، داعيا إلى عدم معاقبة هذا الأخير، لأنه ضحية للتضليل، والاختلاق المقترف من طرف آخرين بسوء نية. وحذر الرميد من المادة 25 من هذا المشروع، التي تعاقب على تقاسم، أو ترويج محتوى إلكتروني، يتضمن عنفا، أو اعتداءً جسديا على شخص، وقال إنه قد يفهم من هذه المادة أن الغاية منها التستر على التجاوزات في حق المواطنين من قبل القائمين على إنفاذ القانون، وتأمينهم للإفلات من العقاب، مقترحا تعديل هذه المادة، وقصرها على الاعتداءات ذات الطبيعة الارهابية، والجرائم الفظيعة.