ينتظر أن يشرع قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء غدا الثلاثاء 21 أبريل، في الاستماع إلى المتهمين في ملف “الكمامات المزورة”، الذي يتابع فيه العديد من الأشخاص، منهم من تولوا إنتاجها ومنهم من اشتروا كميات منها وتولوا إعادة بيعها في السوق. وبعد نشر الكثير من الأخبار عن هذا الملف المثير، والحديث عن اعتقال ابني المحاميين محمد زيان، وعبدالعزيز النويضي، سعت “أخبار اليوم” للحصول على معطيات الملف من مصدر مطلع، فضلا عن توضيح من عبدالعزيز النويضي نفسه. ويتبين أن الأمر يتعلق بشقين، الأول يهم أشخاصا في مدينة الدارالبيضاء قاموا بإنتاج كمامات طبية مقلدة لشركة أمريكية من نوع FFP2، وشرعوا في بيع كميات كبيرة منها بأموال طائلة عبر الترويج لها عبر الإنترنيت. أما الثاني، فيتعلق بأشخاص اقتنوا كميات من هذه الكمامات وقاموا ببيعها لمجموعة من التجار والصيدليات. ويبدو أن عملية صنع هذه الكمامات المقلدة جاء في سياق محاولة استغلال النقص الموجود في تزويد السوق بها، وتحقيق أرباح من وراء ذلك. وحسب توضيح الحقوقي عبدالعزيز النويضي، فإن ابنه، البالغ من العمر 30 سنة، يمارس أنشطة مهنية في إطار “المقاول الذاتي”، فاطلع مع صديق له على عرض منشور على الإنترنت لكمامات من نوع FFP2 ، وبعد التأكد من العلامة عبر الإنترنت قررا اقتناء 1000 كمامة بسعر 26 درهما للكمامة الواحدة، أي مقابل 26 ألف درهم، وجرت عملية الشراء عن طريق التحويل المصرفي لحساب البائع بالدارالبيضاء، وقاما فيما بعد ببيع 700 كمامة بثمن 30 و35 درهما للكمامة لتجار آخرين، الذين قاموا، أيضا، ببيعها بدورهم بثمن 50 درهما. وشدد النويضي على أنه “بعد الإعلان عن تزويد السوق بالأقنعة بقيمة 0.80 درهم، اضطرا إلى تعليق بيع الباقي”، وأدى ذلك ببعض المشترين إلى إلغاء البيع ورد المبلغ، مهددين بتقديم شكاية في الموضوع. وفي يوم الاثنين 13 أبريل تلقى النويضي اتصالا من ابنه وصديقه يبلغانه أنهما سيقدمان شكاية ضد أحد الباعة لأن لديهما خسارة تزيد عن 7000 درهم. لكن والده بناء على “نصيحة مسؤول يثق به”، نصحهما بعدم التسرع لأنه ليس لديهم شيء يمكن أن يؤاخذا عليه، فقد أخذا المبادرة أمام ندرة الكمامات ووجود طلب عليها ولا يوجد مانع قانوني. بالعكس أخبراه أنهما كمقاولين ذاتيين من حقهما ذلك طبقا لمرسوم (صادرا بالجريدة الرسمية عدد 6431 بتاريخ 18 يناير 2016) والذي يوجد به ملحق قائمة بالأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية التي يمكن مزاولتها في إطار نظام المقاول الذاتي يتضمن الإشارة إلى ” أنشطة أخرى متصلة بصحة الإنسان”. ويضيف النويضي في توضيحه “بالنسبة إليّ، فإن واقع دفع ثمن البضاعة عن طريق البنك، وأخذ كمية محدودة، وهامش ربح بسيط، ورفضهما تعويض أحد المشترين الذي هدد بالشكاية بتهمة الاحتيال، وتعليق العملية فور إعلان الإمدادات العامة، وعزمهما تقديم شكاية، أقنعني بحسن نيتهما”. وأنه إذا كانت هناك عملية احتيال أو تزييف، فهما ضحية لها مثل آخرين. ولكن المفاجأة كانت زوال يوم 14 أبريل، حين جرى إشعاره من الشرطة القضائية بالرباط أنه قبض على ابنه. وفي صباح اليوم التالي 15 أبريل، قدما للنيابة العامة بالرباط التي قامت بإرسال الملف إلى الدارالبيضاء، على صلة بتحقيق يجري هناك ضد منتج البضاعة “الذي قام على ما يبدو بصنع احتيالي لشعار علامة تجارية أمريكية وباع كمية كبيرة منها”. وبعد استكمال البحث لدى الشرطة قدم الصديقان صباح الخميس 16 أبريل إلى النيابة العامة بابتدائية عين السبع التي أحالتهما على التحقيق مع ملتمس بالإيداع في السجن. وهو التحقيق الذي سيبدأ الثلاثاء 21 أبريل، وقال النويضي: “كمحام أقدر المسؤولية في هذه الظروف وأترك الأمر للقضاء”: لكنه استغرب كيف جرى التركيز على اسمه ومهنته وصورته في هذا الملف، معتبرا أن الهدف هو “التشهير” به، رغم أن الأمر يتعلق بابنه وهو “إنسان راشد، مشددا على أن ما نُشر في الموضوع من طرف مواقع إلكترونية من شأنه تغليط الرأي العام”. وبخصوص ابن المحامي محمد زيان، فإنه، أيضا، ساهم في بيع كمية من الكمامات لمصحة في مراكش بقيمة تناهز 60 مليونا، لكن بعد إعلان الحكومة عن بيع الكمامات بأسعار مخفضة، طالب صاحب المصحة بإلغاء الصفقة، ولجأ إلى وضع شكاية، فتم اعتقاله. وتشير مصادر إلى أن ابن زيان يدرس في مدرسة طيران، وكان هدفه تجاريا وليس بيع كمامات تحمل علامة تجارية مزورة. وحسب المصدر، فإن الإشكالية في هذا الملف تتمثل في وضع علامة تجارية أمريكية على الكمامات، من طرف من أنتجها، أما من اشتروها بحسن نية لإعادة بيعها، فإنهم لم يكونوا على علم بذلك، وإلا فإنه يجب اعتقل كل من اشتراها، من صيادلة أو تجار آخرين. كما نفى المصدر ما قِيل عن أنها “كمامات قاتلة”. وشدد المصدر على أن القضاء يجب أن ينظر في هذا الملف بموضوعية، مستغربا كيف جرى استغلال هذه القضية للإساءة لكل من زيان والنويضي، من خلال تسريب معطيات التحقيق لدى الشرطة القضائية لمواقع معينة تولت نشر صورهما قصد التشهير بهما.