أي دور للاتحاد الإفريقي في مساعدة دول القارة في تخفيف حدة الخسائر الاقتصادية والتجارية؟ في كل الأحوال، هذه أزمة أكبر من إمكانات الاتحاد الإفريقي، ولما ننظر إلى حال الاتحاد الأوربي هذه الأيام، وإلى بيروقراطيته العاجزة عن التدخل، ولو لعقد قمم لمساعدة أكثر الدول تضررا رغم الإمكانات الهائلة التي يملكها الأوربيون مقارنة بالأفارقة، فلا يمكننا أن ننتظر شيئا من الاتحاد الإفريقي أمام أزمة عالمية عامة، وشديدة الوطأة على الاقتصادات وعلى التبادل التجاري الدولي وعلى أسواق المال والعمل. الاتحاد الإفريقي يعترف بأن كورونا قد يعصف ب20 مليون منصب شغل في القطاع المهيكل وغير المهيكل. ما رأيك؟ وما محل المغرب من الإعراب الاقتصادي لهذا التقرير؟ هذا شبه مؤكد عالميا، والبلدان الإفريقية لن تكون استثناء. بالنسبة للمغرب فسوق الشغل حاليا متوقف، والتوظيف في القطاع العام مجمد، والقطاع الخاص لن يكون قادرا على خلق مناصب جديدة. والأفدح من كل ذلك أن كثيرين سيفقدون مناصب الشغل، وخصوصا في القطاع الخاص، لأن النشاط الاقتصادي سيتراجع، ونحن على أبواب ركود اقتصادي قد يكون مصاحبا بموجة تضخم، وهي الظاهرة التي يسميها الاقتصاديون بالركود التضخمي. ومشكلة هذه الوضعية أن الحلول للخروج منها، سواء كان من خلال الإنفاق الحكومي أو من خلال سياسة تقشفية مع تيسير سبل عمل الأسواق وتشجيع النشاط الاقتصادي الحر، ستتطلب وقتا، وقد يصل الأمر إلى سنوات كثيرة. وكل السيناريوهات الآن تبدو صعبة، وستترك آثارا هيكلية على الاقتصاد الوطني الهش بطبيعته. هل تراجُع الاقتصادي الإفريقي ب0,8 في المائة و1.1 في المائة في أسوأ الحالات سيأثر على الاقتصاد المغربي؟ هذه مسألة مؤكدة، فالمقاولات المغربية لها أعمال موطنة في بلدان إفريقية، ولنا علاقات تجارية مع بلدان إفريقية كثيرة، وسيؤثر تراجع النمو الاقتصادي فيها على نشاط المقاولات المغربية هناك وعلى النشاط التصديري للمقاولات المغربية نحو إفريقيا. كما أن هذه الأزمة ليست خاصة بالقارة الإفريقية فقط، بل هي أزمة عالمية، وهي في كل الأحوال أقوى من قدرة الاقتصادات الإفريقية على النجاة منها، وكل ما ستحاول تحقيقه هو الخروج بأقل الخسائر، وتبدو لي التوقعات التي تقول نسبة نمو تفوق 1 في المائة توقعات متفائلة، لأن البلدان الأوربية بدأت الحديث عن نسب نمو سلبية خلال هذه السنة. الحكومات الإفريقية ستفقد من 20 إلى 30 في المائة من مواردها الجبائية، التي قدرت ب 500 مليار دولار سنة 2019.. هذا تحصيل حاصل، فبتراجع النشاط الاقتصادي ستتراجع معه موارد الدولة من الجبايات إلا إذا قامت الدول برفع نسب الضرائب، وهذه خطوة ستكون حماقة كبرى. والأمر نفسه ينطبق على المغرب، فأكبر ما ستعاني منه الدولة في الأشهر القليلة القادمة، تراجع رصيد العملة الصعبة في السوق، ما سيحد من إمكانية القيام بعمليات شراء خارجية، وقد صدر مرسوم قانون في هذا الشأن خلال الأيام الماضية. كما ستتراجع موارد الدولة من الضرائب، ونحن نعرف أنها هي المصدر الأول لميزانية الدولة، وهو ما سيقيد نشاطها وحركتها وسيؤثر على تدخلاتها في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وهنا تلوح بوادر سياسة تقشفية في الأفق. ينصح التقرير الدول الإفريقية بتتبع المغرب في دعم الأسر لتجنب خطر الاضطرابات الاجتماعية. هل هذا وحده كاف؟ هذا جيد، لكن بشكل مؤقت. ولكن الأزمة يبدو أنها ستستمر خلال الأشهر القادمة، والدولة لن تستطيع القيام بهذا الأمر لأكثر من ثلاثة أشهر وهو ربع سنة مالية. ثم في حالة المغرب، فالدولة هنا وسيط بين المتبرعين لصندوق مواجهة آثار فيروس كورونا المستجد والمستفيدين، أما ميزانية الدولة فعاجزة عن القيام بذلك، لأن مواردها متأثرة بالأزمة، ونحن نعرف جيدا أن الدولة تصرف في نفس السنة المالية الموارد التي تحصلها في نفس السنة، وبالتالي فقانون المالية الذي وضع وفق توقعات معينة سيتأثر في مجمله بما حصل ويحصل من توقف النشاط الاقتصادي. ولهذا فهذا الدعم هو مؤقت فقط، وليس لمواجهة آثار الأزمة طوال مدة تعثر النشاط الاقتصادي. لكنها تجربة مغربية متميزة، بإمكان دول إفريقية كثيرة اعتمادها لامتصاص الصدمة التي ستسببها الأزمة خلال الأسابيع الأولى.