فيديو: عبد الله آيت الشريف مر شهر على تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في المغرب، فانطلقت الحرب ضد الجائحة، التي باتت تهدد سكان المعمور، وانخرط فيها الجيش المغربي، منذ اليوم الأول من دخول حالة الطوارئ الصحية حيز التنفيذ، قبل أسبوعين. ووسط ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع، أُعلن، أمس الخميس، عن الدخول إلى مرحلة جديدة، تتجند فيها القوات المسلحة الملكية، لتساهم بأطقمها الطبية في الحرب ضد الجائحة، عقب الإعلان عن الانتهاء من تجهيز أول مستشفى ميداني عسكري في بنسليمان، للمساهمة في الجهود الوطنية لمكافحتها. “اليوم 24″، زار، صباح اليوم الجمعة، المستشفى العسكري الميداني، الذي أقيم بالقرب من مطار بنسليمان الدولي، وسمي بالمستشفى العسكري الميداني الثاني، بينما الأول لم تنته الأشغال فيه، ويوجد في نواحي الدارالبيضاء، كما سيعلن لاحقا عن مستشفيات عسكرية ميدانية أخرى، ما يؤشر على أن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد، في انتظار تزايد أكثر لحالات الإصابة مع بدء إجراء التحاليل المخبرية السريعة، وتعميمها على جهات المغرب. طاقم “اليوم 24″، الموفد إلى بنسليمان، ينقل لكم مشاهد من جاهزية الطواقم الطبية، لخوض المعركة الضروس ضد الجائحة. صرامة عسكرية حرص ليوتنان كولونيل، هشام قشنى، الطبيب الرئيسي للمستشفى العسكري الميداني في بنسليمان، وهو يرافقنا في جولة داخل مرافق المستشفى على ذكر كل التفاصيل الدقيقة، ليؤكد جاهزية الطب العسكري بكل هياكله، للعمل بروح المسؤولية، وبحس وطني عال، لإنجاح الجهود الوطنية المبذولة لتدبير تداعيات الجائحة. وقال الكولونيل إن المستشفى الميداني تم تقسيمه إلى ثلاث مناطق، حمراء، وخضراء، وبرتقالية، مع وضع خطة محكمة للربط بين المناطق الثلاث. وأوضح المتحدث ذاته أنه بقدر ما هناك صرامة عسكرية لضبط نظام الاشتغال، فإن هناك حرصا أكبر على سلامة الطاقم الطبي، الذي يوجد في مقدمة المعركة. المنطقة الأكثر حساسية، هي تلك، التي توجد فيها غرفة الإنعاش، وبعض المرافق المرتبطة بها، وتضم 20 سريرا مع إمكانية رفع طاقتها الاستيعابية، إن اقتضى الأمر ذلك. وحدها عينات التحاليل المخبرية، التي يمكنها أن تغادر المنطقة الحمراء نحو المنطقة الخضراء، عبر نافذة صغير، ليتسلمها ممرضون عسكريون، يلتزمون بالمرور في ممر خاص، يعرف ثلاث مراحل للتعقيم، قبل الوصول إلى المنطقة البرتقالية، حيث يوجد المختبر، والصيدلية. الجاهزية الآن وعن سؤال “اليوم 24”: متى سيشرع المستشفى في استقبال مرضى الجائحة؟ أجاب ليوتنان كولونيل هشام قشنى، الطبيب الرئيسي للمستشفى العسكري الميداني: “نحن مستعدون ابتداء من اليوم لاستقبال المرضى، وحتى الحالات المشتبه فيها”. وتحدث المسؤول العسكري الطبي بافتخار عن سرعة تهيئة المستشفى، وقال: “استغرق الأمر مدة أسبوع، وبالضبط ستة أيام، عمل كبير قامت به مختلف الأطر العسكرية، والطبية، والهندسية”. المستشفى في أرقام في ستة أيام، تم تجهيز مبنى من طابقين، كانت حتى وقت قريب مباني غير مستغلة، كما تم في ساحة مجاورة له، تجهيز 16 خيمة صحية بطاقة استيعابية تصل إلى 160 سريرا. وأضاف الكولونيل: “سنستقبل المرضى، ونعالجهم بحسب حالاتهم الصحية، لذلك تم إعداد منطقة خاصة بتقسيم المرضى المصابين، بالنظر إلى درجة الإصابة بالفيروس”. وداخل المبنى المكون من طابقين، ظهر الأطباء، والممرضون ببذلهم، مستعدين وجاهزين لاستقبال المرضى، يقول الطبيب نبيل جبيلي، الاختصاصي في الانعاش والتخدير، مضيفا أن “الأسرة المخصصة للإنعاش، مجهزة بأحدث التقنيات، وآخرها في مجال الإنعاش، منها آليات التنفس الاصطناعي، ووسائل مراقبة الوظائف الحيوية للمرضى في حالة حرجة”.
ويوجد، أيضا، في مصلحة الانعاش، يضيف الطبيب ذاته، “أجهزة للكشف بالصدى، وأخرى بالأشعة، وكذا أجهزة مراقبة المرضى بصفة دورية من أجل تقديم لهم أفضل العلاجات”. وفي الطابق العلوي للمبنى، تم تجهيز خمس غرف كبرى، وضع فيها ما مجموعه 140 سريرا مخصصا للحالات الخفيفة، بينما يحتوي الطابق السفلي على غرف تضم 40 سريرا للعلاجات المكثفة، وهي حالات أقل خطورة من تلك التي تحتاج للإنعاش، الذي خصص له 20 سريرا، مع إمكانية رفع عدد أسرته. ويمكن للمستشفى، الذي تم تجهيزه بمعدات ذات جودة عالية، وبكميات كافية من الأدوية اللازمة، أن يستقبل إلى حدود 360 مريضا في ظل ظروف مساعدة على التكفل بالمصابين، مع إيلاء عناية خاصة لخدمة الإنعاش، لكون هذا الفيروس يتسبب في مضاعفات خطيرة تمس الجهاز التنفسي لدى الحالات الحرجة. الموارد البشرية ويتكون الفريق الطبي للمستشفى العسكري الميداني من 13 طبيبا، ثلاثة منهم أطباء إنعاش، بالإضافة إلى طبيب مستعجلات، وطبيب بيولوجي، وطبيب صيدلي، يضاف إليهم ستة أطباء متخصصين في الطب العام، خضعوا، أخيرا، لتكوين خاص. وتنال غرفة الإنعاش الحصة الأكبر من الطاقم الطبي العسكري، ويرتقب أن يرابط فيها 5 أطباء متخصصين في الإنعاش، و5 ممرضين عسكريين. ويدعم الفريق الطبي العسكري فريق من الأطر شبه الطبية، يصل عدهم 69 ممرضا، وممرضة، ومساعديهم، بالإضافة إلى 39 عنصرا من الدعم، من بينهم إطاران إداريان من الصحة العسكرية، وآخرون من مفتشيات القوات المسلحة الملكية، ومن المصالح الاجتماعية. تفاصيل لوجستيكية في المنطقة البرتقالية من المستشفى الميداني تم تجهيز مختبر لإجراء التحليلات المخبرية في عين المكان، وصيدلية مزودة بكل الأدوية اللازمة لمعالجة المرضى. وقال الطبيب الملازم، معاش أمين، إن المختبر يتوفر على مجموعة من المعدات، والأجهزة، من شأنها توفير التحاليل البيولوجية، والبيوكيميائية، لتتبع الحالة الاستشفائية للمرضى. الطاقم العسكري، الذي أشرف على تهيئة المستشفى الميداني، لم يغفل أي تفاصيل لوجستيكية، أو إهمالها مهما كانت، وغير بعيد عن الصيدلية، والمختبر، وضعت مجموعة من المولدات الكهربائية الاحتياطية لمواجهة أي انقطاع محتمل للتيار الكهربائي، كما تم جلب آلات للتصبين بأعداد كبيرة. وبدت الأطقم الطبية العسكرية في أول مستشفى ميداني عسكري، تشتغل كخلية نحل، طوال اليوم، نساء، ورجال، مع الإشارة إلى أن عناصر الطاقم من النساء، اللائي تم تعينهن مبدئيا في المواقع الأقل عرضة للخطر، أصررن على العمل في الصفوف الأمامية للوقوف جنبا إلى جنب مع زملائهم من الرجال، في هذه المعركة الضروس، في انتظار الموعد المرتقب، وأمل الجميع أن لا تتطور الأوضاع إلى مراحل أكثر خطورة، ويخرج البلد مودعا الجائحة، وهو أقوى مما كان عليه.