لا شك أن القائمين على تدبير أزمة وباء «كورونا» على أعلى المستويات، قد لاحظوا المفعول شبه السحري الذي أحدثته عودة مدير الأوبئة في وزارة الصحة، محمد اليوبي، للظهور وتقديم الحصيلة الوبائية اليومية في بداية هذا الأسبوع. وبقدر ما تأثر المراقبون بالحالة التي عاد بها هذا المسؤول للظهور، حيث بدت عليه علامات الإرهاق والتعب، إلى درجة شعر معها بعض من طالبوه بالعودة إلى مهمته التواصلية بالذنب، فإن الأمر كان ضروريا، ليس حبا في تعذيب المسؤولين وإرهاقهم أكثر مما هم مرهقون -كان الله في عون الجميع- بل لأن الظرف يفرض إكراهات ومحاذير خاصة. فالأسلوب الذي جرى به تقديم المعطيات خلال الأسبوع الماضي، أي تناوب موظفي الوزارة على قراءة البيان اليومي بشكل جاف، أي إلقاء الأرقام الجديدة في وجه المغاربة ثم الانصراف، هو أخطر من عدم الظهور أصلا، حيث كان بإمكان الوزارة تعميم بلاغ يتضمن المعطيات الرقمية الجديدة، بدل ذلك الظهور الذي يثير الفضول ويؤجج الانتظار، ثم يلقي بالرأي العام في الفراغ. مع كل ما تفرضه المسؤوليات الملقاة على عاتق البعض، حاليا، من ضرورة العمل المتواصل، ليل نهار أحيانا، وحضور الاجتماعات، ومتابعة تنفيذ القرارات، فإن التواصل ليس ترفا، ولا يمكن أن نضحي به كلما ضاق بنا الوقت. كلنا مع مساعدة السلطات العمومية على الخروج بالبلاد من هذه الجائحة بأقل الأضرار، لكن بقاء المغاربة هادئين داخل بيوتهم يتطلب التواصل الدائم والشفاف، دون تهويل ولا تهوين، بل تقريبهم من الحقيقة، فقط لا أكثر.