الناس في مختلف أنحاء العالم خائفون من فيروس كورونا. الأخبار المرعبة عن عدد الوفيات في الصين ودول أخرى، وعمليات الحجر الصحي وتوقيف المدارس والرحلات الجوية في الدول التي اجتاحها الفيروس، كل ذلك يثير الذعر ويدفع الناس إلى التهافت على المحلات لاقتناء المواد الغذائية تحسبا للخطر، وشراء الكمامات التي اختفت من الصيدليات وارتفع سعرها، وهذه الحالة أخطر من الفيروس في حد ذاته. وتزيد الطين بلة كثرة الأخبار الكاذبة التي تروج في مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل أن الفيروس «سلاح بيولوجي» صنع في أحد المختبرات. فهل هذا الفيروس فعلا خطير ويمكنه القضاء على الجنس البشري؟ ما نعرفه من الخبراء هو أنه فيروس من عائلة فيروسات «الكورونا» المعروفة التي يصل عددها إلى سبعة أنواع، منها خمسة تتعايش مع الإنسان، واثنان خطيران هما SARS-COV1، وCOV19، وهذا الأخير هو الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية (11 مليون نسمة) في دجنبر الماضي. ويقال إنه تطور لدى أحد الحيوانات وانتقل إلى الإنسان. وإلى حد الآن، تجاوز عدد المصابين بالفيروس 100 ألف شخص، أغلبهم في الصين، بحوالي 90 ألفا، توفي منهم حوالي 3000 شخص. من خلال المعطيات المتوفرة، فإن نسبة هلاك الشخص المصاب بالفيروس تبقى ضعيفة، وأن فرص الشفاء منه تبقى كبيرة. الأشخاص المتقدمون في السن والمصابون بأمراض مزمنة وذوو المناعة الضعيفة هم الأكثر عرضة للوفاة. مثلا، في الصين، فإن نسبة الوفيات لم تتعد 3.7 في المائة، أي توفي حوالي 3000 شخص من أصل حوالي 90 ألفا، في حين تماثل 64 في المائة من المصابين الصينيين للشفاء، كما أن 80 في المائة من المصابين الصينيين لم تظهر عليهم أعراض خطيرة، وشعروا بنزلة برد عادية، في حين أن نسبة قليلة عانت ضيقا في التنفس، وتطلبت حالتها نقلها إلى الإنعاش. لكن، في الوقت الذي بدأت فيه الصين تتحكم نسبيا في انتشار المرض، بدأ الخطر يأخذ بعدا آخر خارج الصين، وأصبحت أطروحة كونه فيروسا «غير قاتل» محل شك. مثلا، في إيطاليا، التي أصبحت ثاني بؤرة للوباء بعد الصين، توفي 133 شخصا خلال 24 ساعة، وبلغ مجموع الوفيات 366 شخصا من أصل أزيد من 7000 إصابة، أي أن نسبة الوفيات في إيطاليا وصلت إلى 5.2 في المائة من المصابين. وهي وضعية دفعت السلطات إلى فرض الحجر الصحي على 16 مليونا من سكان إقليم لومبارديا في الشمال، إلى جانب 14 مقاطعة أخرى في شمال البلاد، أي جرى الحجر على حوالي ربع سكان إيطاليا، وتوقفت المدارس والمصالح، وقررت العديد من شركات الطيران وقف رحلاتها إلى مطارات شمال إيطاليا، منها شركة الخطوط المغربية. وهذه الوضعية وحدها كافية لإثارة الخوف. إيران أيضا عرفت معدلا أعلى للوفيات بسبب الفيروس بتسجيل 194 حالة وفاة من أصل 6566 حالة إصابة، وسجلت وفاة 49 شخصا وإصابة 743 خلال 24 ساعة. وأعلنت العديد من الدول الأوربية حالة طوارئ، مثل فرنسا وألمانيا وأمريكا، وغيرها. وفي المغرب يتساءل المواطنون: هل السلطات قادرة على مواجهة الوباء؟ إلى حد الآن، سجلت حالتان لمواطن ومواطنة قدما من إيطاليا. وفُحصت 62 حالة، إلى حدود يوم الاثنين 9 مارس، استُبعدت منها 60 حالة بعد إجراء تحاليل مخبرية. أي أن هناك تحكما في انتشار المرض في المغرب، إلى حد الآن، لكن هناك متابعة لحالة 260 شخصا خالطوا الشخصين المصابين، أي من المحتمل أن تظهر حالات أخرى، سواء التي أتت من بلدان أخرى، أو التي أصيبت بالعدوى، لأن المغرب بلد مفتوح، ولا يمكنه غلق حدوده. وبخصوص الكمامات التي نفدت من الصيدليات، فقد تبين أن المواطنين غير المصابين لا يحتاجون إليها، لأن من عليه وضعها هم المصابون حتى لا ينتشر المرض أثناء السعال أو العطس، وكذا مهنيو الصحة الذين يتولون رعاية المرضى. ومع ذلك، طمأن وزير الصحة المواطنين إلى أن المغرب منع تصدير الكمامات، ويتوفر على احتياطي 12 مليون كمامة، وهناك ثلاثة مصانع لإنتاجها في المغرب؛ واحد تابع للدرك الملكي وآخر للوقاية المدنية، ومصنع آخر في برشيد. وفي حال الحاجة إلى الكمامات، يمكن أن تطلب السلطات من مصانع الورق الصحي إنتاج المزيد من الكمامات. طبعا، جرى اتخاذ إجراءات احتياطية بمنع التجمعات، خاصة في كرة القدم، لتفادي العدوى، وهناك آثار اقتصادية وخيمة للمرض على الاقتصاد، سواء في المغرب أو غيره من الدول.. وهناك أمل أن يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى التقليل من انتشار المرض الآتي من الصين.