رغم محاولات إسبانيا التخلص من التبعية للمغرب في السهر على الأمن الروحي للجالية المغربية، إلا أن واقع حال آخر الإحصائيات الإسبانية يؤكد أن التأثير الديني للمغرب في إسبانيا سيستمر، وسيستمر معه الصراع الخفي بين هذين البلدين حول ضبط الحقل الديني، لا سيما في المناطق التي تعرف حضورا كبيرا للجالية المغربية. فالمغاربة يمثلون حوالي نصف مجموع المسلمين في إسبانيا، بما في ذلك المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. هذا ما كشفه تقرير حديث أصدره اتحاد الجالية الإسلامية بإسبانية، بتعاون مع المرصد الأندلس تحت عنوان: “دراسة ديمغرافية حول السكان المسلمين”. في هذا السياق، أوضح التقرير، الذي يشمل الفترة التي تمتد ما بين فاتح يناير و31 دجنبر 2019، أن المسلمين في إسبانيا تجاوز لأول مرة عتبة مليونَا مسلم. وانتقل عدد المسلمين بالجارة الشمالية من 1.99 مليون مسلم سنة 2018، إلى 2.1 مليون مسلم سنة 2019، إذ ارتفع الرقم ب97 ألف مسلم. ويبيّن التقرير ذاته أن المسلمين الأجانب يمثلون 58 في المائة، بينما يمثل الإسبان 48 في المائة، وتشمل النسبة الأخيرة للمسلمين الأجانب الحاملين للجنسية الإسبانية. ويبقى المعطى البارز في التقرير هو احتلال المسلمين المغاربة المرتبة الأولى ب812 ألفا و412 شخصا بفارق شاسع عن الباكستانيين، الذين لا يتجاوز عددهم 88 ألفا و783 شخصا، متبوعين بالسنغاليين ب70 ألفا و879 شخصا، والجزائريين ب63 ألفا 51 شخصا، فيما البقية تمثلها جنسيات مسلمات من إفريقيا جنوب الصحراء وآسيا. مصادر إسبانية أوضحت ل” أخبار اليوم” أن عدد المسلمين المغاربة في إسبانيا يفوق بكثير رقم 812 ألفا و412 شخصا، نظرا إلى أن التقرير لا يتحدث عن المغاربة المجنسين، والذين يقدرون بالآلاف، علاوة على مغاربة مدينتي سبتة ومليلية. ويرجح أن يكون عدد المسلمين المغاربة، من مهاجرين نظاميين وغير نظاميين ومجنسين، نحو المليون شخص. وعلى عكس ما يجري الترويج له، تشير المصادر ذاتها، أنه إذا ما أخذ بعين الاعتبار مجموع المسلمين، فإن أغلبية المسلمين يندمجون في المجتمع الإسباني، رغم عائق اللغة والثقافة أحيانا، فيما قلة قليلة هي التي لا تستطيع الاندماج، وربما قد تلجأ أحيانا إلى القيام بأفعال غير قانونية، فيتم إلصاقها بجميع المسلمين، وهو الخطأ (التعميم) الذي تسقط فيه بعض وسائل الإعلام الإسبانية. ويعتقد التقرير أن ارتفاع عدد المسلمين بإسبانيا ما بين دجنبر 2018 ودجنبر 2019، راجع بشكل كبير إلى وصول مهاجرين من شمال إفريقيا (المغرب والجزائر)، ومن إفريقيا جنوب الصحراء إلى إسبانيا في الشهور الماضية. من ناحية ثانية، يبرز التقرير أن 90 في المائة من التلاميذ المسلمين بإسبانيا لا يستفيدون من دروس في الدين. كما أن هناك 80 أستاذا فقط، لتدرس نحو 327 ألف تلميذ مسلم بإسبانيا، أغلبهم مغاربة أو من أصول مغربية. علاوة على إشكالية عدم وجود أساتذة متخصصين في الدين الإسلامي في بعض الجهات. مثلا، في الأندلس هناك 23 أستاذ، و10 في مليليلة، و14 في سبتة، و6 في كاستيا ليون، و3 في جهة فالينسا، و3 بالعاصمة مدريد، وواحد في الكناري.