دعا عمر أربيب، عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، إلى استدعاء السفير الكويتيبالرباط لتبليغه احتجاجا رسميا ضد ما اعتبره الناشط الحقوقي «مسّا من طرف الدبلوماسي الكويتي بالسيادة الوطنية وباستقلالية السلطة القضائية في المغرب»، على خلفية الدور الذي قال إنه لعبه شخصيا، ناهيك عمّا اعتبره «ضغطا» مارسته سفارته في قضية فرار المواطن الكويتي، «ع.م.س» (24 سنة)، المتهم باغتصاب وافتضاض بكارة طفلة، لا يتجاوز عمرها 14 سنة، ساعات قليلة بعد الموافقة على منحه السراح المؤقت من لدن غرفة الجنايات الابتدائية بابتدائية مراكش، برئاسة القاضي عبد الحق سيف الإسلام، خلال الجلسة الأولى من محاكمة المتهم، المنعقدة بتاريخ الثلاثاء 28 يناير الماضي». وأوضح أربيب، في تصريح أدلى به ل»أخبار اليوم»، على هامش الوقفة الاحتجاجية التي نظمها فرع «المنارة» للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مساء أول أمس الأحد، بالساحة المقابلة لشركة «اتصالات المغرب» بحي «كَليز» بمراكش، (أوضح) بأن السفارة الكويتية في الرباط وفرت الغطاء السياسي والمالي لتهريب المتهم، المتابع بجناية «هتك عرض قاصر باستعمال العنف نتج عنه افتضاض»، خارج التراب الوطني، رغم إدلاء دفاعه بالتزام مكتوب من طرف السفارة الكويتية تتعهد فيه بإحضاره لجلسات محاكمته، وهو ما اعتبره أربيب «تدخلا سافرا في القضاء المغربي ومخالفة للأعراف الدبلوماسية»، فضلا عن كونه «تشجيعا على الإفلات من العقاب في جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال والاتجار بالبشر، المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حظر الاتجار في البشر التي تعتبر الكويت من الموقعين عليها». وتابع أربيب بأن الفرق الحاصل بين جميع ملفات البيدوفيليا السابقة التي تداولت فيها محاكم مراكش والملف الحالي، هو أن سفارات دول المتهمين في الملفات السابقة لم تتدخل لصالح مواطنيها ضدا على القوانين المحلية ولم تمس بالاستقلال المفترض في القضاء المغربي، فيما سُجّل في ملف المتهم الكويتي تدخل سافر لسفارة بلاده في الملف، وهو ما اعتبره «سلوكا استفزازيا ومسيئا لكرامة المغاربة». وأشار إلى أن جميع مراحل الملف كانت تسير في احترام تام للقانون، بدءا من البحث التمهيدي الذي أجرته فرقة الأخلاق العامة، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، مرورا بمسطرة التقديم أمام النيابة العامة، ووصولا إلى مرحلة التحقيق الإعدادي، قبل أن تحدث المفاجأة خلال الجلسة الأولى من محاكمة المتهم أمام غرفة الجنايات الابتدائية، التي قررت تمتيعه بالسراح المؤقت رغم اعترافاته التلقائية بارتكاب أفعال إجرامية خطيرة، من قبيل هتك عرض الضحية والتغرير بها، ودون أن تتخذ الغرفة المذكورة أي إجراء قضائي يحول دون إمكانية فراره، وهو ما اعتبره «خطأ قضائيا جسيما ارتكبته هيئة الحكم». واعتبر اكتفاء غرفة الجنايات الابتدائية بمراكش، برئاسة القاضي سيف الإسلام، بأداء المتهم الكويتي كفالة مالية قدرها 30 ألف درهم، والتقاعس عن اتخاذ باقي أهم إجراءات المراقبة القضائية ضده، من سحب مفترض لجواز سفره وإغلاق للحدود الوطنية في وجهه، يعد «إفساحا صريحا للمجال أمامه للإفلات من العقاب في هذه القضية». وذكّر أربيب بما اعتبره «سوابق في الإفلات من العقاب لمتورطين أجانب في الاغتصاب والاستعباد الجنسي بمراكش»، معطيا المثال على ذلك بحالة المغني الإماراتي عيضة المنهالي، الذي تم توقيفه، السنة الماضية، برفقة 32 فتاة بفيلا راقية معدة للدعارة الراقية بطريق فاس، واللائي وصفهن تقرير أمني لفرقة الأخلاق العامة ب «الضحايا اللواتي تعرّضن لسلب الإرادة وإهدار الكرامة»، قبل أن تقرّر النيابة العامة وضعهن تحت الحراسة النظرية، لمدة يومين، بل وعمدت إلى تمديدها لأربع وعشرين ساعة إضافية، بقين خلالها رهن الاعتقال الاحتياطي في مخافر مقر ولاية الأمن، فيما أخلي سبيل المنهالي الذي كان برفقة 6 من إخوانه وأبناء عمومته، بينهما شرطيان في إمارة أبو ظبي، بالإضافة إلى 4 سياح خليجيين آخرين، (إماراتيان وسعودي وعماني)، وسائح يحمل الجنسية الهندية. ولفت أربيب إلى أن جمعيته لا تنوب عن أسرة الضحية، وإنما نصّبت نفسها طرفا مدنيا لأن القانون يخولها ذلك بمقتضى المادة السابعة من قانون المسطرة الجنائية، لتوفرها على صفة المنفعة العامة، جازما بأن تنازل أسرة الضحية عن متابعة مغتصبها تم تحت الضغط والمساومات، واستدل بحالة مشابهة كان يتابع فيها فرنسي، يُدعى «جون لوك ماري كَيوم»، المعروف ب»كالفان مراكش»، بتهمة هتك عرض قاصرين، شهر دجنبر من 2014، موضحا بأن والد الضحيتين في الملف المذكور تنازل عن متابعة المتهم فيما تشبثت أمهما بالملاحقة القضائية لمغتصب ابنيها، قبل أن يتضح بأن تنازل الأب تم بمقابل مادي، لتجري متابعته قضائيا بتهمتي «إعطاء القدوة السيئة، وإجبار طفلين على الإدلاء ببلاغات كاذبة أمام هيئة المحكمة»، ويدان بأربعة أشهر حبسا نافذا، بينما أدين المتهم الفرنسي بسنتين حبسا نافذا، مشيرا إلى أن هذا التنازل عن المطالب المدنية لعائلة الضحية لا يمكن أن يُسقط الدعوى العمومية، خاصة في مثل هذه الجريمة المتعلقة باغتصاب طفلة. هذا، وكان ناشطون حقوقيون شاركوا في الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها فرع «المنارة» للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، معتبرين التظاهرة المنظمة بمراكش تحت شعار: «ندين تهريب البيدوفيل الكويتي خارج المغرب ونحمّل المسؤولية للقضاء والدولة في تكريس الإفلات من العقاب في جرائم الاغتصاب»، (اعتبروها) «استمرارا لترافع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ضد تهريب المتهم الكويتي وإفلاته من المحاكمة»، وهي الوقفة التي رفعوا خلالها شعارات من قبيل: «يا قضاء يا مسؤول.. باركا من التماطل»، «إدانة حقوقية.. للقرارات القضائية»، كما حملوا لافتات مكتوب عليها شعارات من قبيل: «لا للإفلات من العقاب في جرائم اغتصاب الأطفال»، و»حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي مسؤولية الدولة والقضاء». يذكر بأن الجلسة الثالثة من محاكمة المتهم الكويتي تلتئم يومه الثلاثاء، بعد أن كانت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش قررت، خلال الجلسة السابقة المنعقدة الثلاثاء المنصرم (11 فبراير الجاري)، تأخير المحاكمة استجابة لملتمس من طرف دفاع المطالب بالحق المدني، ممثلا في فرع «المنارة» للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المحامي مولاي مصطفى الراشدي، من هيئة مراكش، بالتأخير من أجل إعداد مذكرة المطالب المدنية. يشار أيضا إلى أن غرفة الجنايات الاستئنافية بالمحكمة نفسها من المقرر أن تبت، غدا الأربعاء، في الطعن بالاستئناف الذي تقدمت به النيابة العامة ضد منح السراح المؤقت للمتهم الكويتي.