وجد المندوب العام للسجون، محمد صالح التامك، نفسه، في فوهة مدفع منظمة «هيومن رايتس ووتش» ذات المصداقية في مراقبة حقوق الإنسان في العالم، وهذه المرة بسبب الظروف المثيرة للجدل التي يقبع فيها سجناء محددون داخل الزنازين التي يشرف عليها التامك. المغربي البلجيكي المحكوم عليه بالسجن المؤبد، عبد القادر بلعيرج، كان في مقدمة القائمة، حيث قالت المنظمة إنه «يوجد رهن الاحتجاز الانفرادي التعسفي منذ أكثر من ثلاث سنوات». وذكرت المنظمة، في بلاغ لها نهاية الأسبوع الفائت، أن رشيدة حتي زوجة بلعيرج صرحت لها بأن زوجها محتجز في زنزانته 23 ساعة يوميا، ومحروم من الالتقاء بسجناء آخرين خلال فسحته اليومية منذ 2016. وقالت حتي، المقيمة في بلجيكا، إنه يسمح لها التواصل مع زوجها هاتفيا، وأشارت إلى أن بلعيرج لا يسمح له بمغادرة زنزانته سوى ساعة واحدة في اليوم منذ ماي 2016، ولا يسمح له خلالها بالالتقاء والتواصل مع أي سجين آخر، ما دفعه إلى رفض فسحته اليومية، حيث قالت زوجته: «ما الفائدة من المشي وحده في فناء وكأنه مجنون؟». ووصفت رايتس ووتش ظروف قضاء بلعيرج عقوبته السجنية في سجن تولال2 في مكناس بالمتعارضة كليا مع معايير الأممالمتحدة لمعاملة السجناء. وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنها عمدت في نونبر 2019 إلى مراسلة المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان باعتبارها هيئة رسمية، للاستفسار عما يروج حول وضعية بلعيرج، وقالت المندوبية الحقوقية إنها أحالت مراسلة رايتس ووتش على المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وفي هذا السياق أبرزت المنظمة الدولية أنها لم تتلق أي رد على استفسارها. غير أن مندوبية السجون ردت بالقول إن بلعيرج يقيم في غرفة تتوفر على كافة الشروط الصحية، من إنارة وتهوية، كما أنه يستفيد من الفسحة بشكل يومي مدة ساعة، يمارس خلالها أنشطته الرياضية، شأنه في ذلك شأن باقي السجناء الموجودين معه في الحي نفسه، وأضافت أن بلعيرج يستفيد من نظام غذائي يراعي الحمية التي وصفها له الطبيب، ويستفيد من الحق في اقتناء مواد استهلاكية من متجر المؤسسة السجنية. وأكدت المندوبية أن بلعيرج يستفيد من زيارة عائلته مع حصوله على تسهيلات، كاستفادته من الزيارة في غير اليوم المخصص له في الأسبوع، واستفادته من مدة أطول ومن عدد أكبر من الزوار، وذلك مراعاة من المؤسسة السجنية لعدم إقامة عائلته في المغرب ولأنها لا تزوره باستمرار. وفي السياق نفسه، عرجت هيومن رايتس ووتش على قضية كل من قائد حراك الريف، ناصر الزفزافي، ومؤسس صحيفة «أخبار اليوم»، توفيق بوعشرين، إذ قالت المنظمة إن لإدارة السجون المغربية سجلا سيئا في إبقاء السجناء في ظروف عزلة قاسية. وذكرت بشهادة أفراد عائلة الزفزافي، التي قالت إن ابنها ناصر مُنع من مغادرة زنزانته مدة 23 ساعة في اليوم خلال عام على الأقل بعد نقله إلى سجن عكاشة بالدارالبيضاء في 2017. أما توفيق بوعشرين، الذي وصفته ب«الصحافي الناقد» الذي أُدين بالاعتداء الجنسي إثر محاكمة وصفها فريق عمل أممي بأنها انتهكت الإجراءات القانونية، فقد مُنع من مقابلة سجناء آخرين وحتى التحدث مع الحراس لأكثر من عام بعد وضعه في سجن عين البورجة في الدارالبيضاء عام 2018. لكن مندوبية السجون قالت، ردا على ذلك، إن بوعشرين يتواصل بشكل يومي مع الموظفين في الحي الذي يقيم به، كما سبق له أن رفض العيش داخل غرفة جماعية، مفضلا المكوث في غرفة فردية. وفي ما يتعلق بالزفزافي الموجود حاليا بالسجن المحلي رأس الماء في فاس، فقد أكدت المندوبية أنه «يستفيد من جميع الحقوق التي يخوله القانون إياها، بما فيها الفسحة اليومية والتغذية المتوازنة كما وكيفا، كما يستفيد من الفحوصات الطبية كلما تطلب وضعه الصحي ذلك، ومن الأدوية الموصوفة له، إضافة إلى الاستفادة من الزيارة العائلية».