عاد موضوع التشيع في المغرب إلى الواجهة، عندما أعلنت مؤخرا “لجنة الشيعة المغاربة”، عن تنظيم ندوة حقوقية يوم الثلاثاء 28 يناير بمقر الحزب المغربي الليبرالي بالرباط، لمناقشة موضوع: “مكانة الدين في الدستور وحقوق الإنسان للأقليات”. هذه اللجنة يرأسها حاتم العناية وسبق أن تأسست في يناير 2018 بمقر الحزب المغربي الليبرالي، ضمن لجان “الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية”، التي يرأسها جواد الحامدي، وهي غير المعترف بها من طرف السلطات. وأثار تكوين اللجنة حساسية في المغرب الذي يتبنى التسامح الديني، لكنه يرفض الاعتراف بتنظيمات على أساس مذهبي طائفي. وأكدت لجنة الشيعة المغاربة أكثر من مرة، على أنها مستقلة عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد تزامن تأسيسها مع الأزمة التي اندلعت بين المغرب وإيران، والتي أدت بالمغرب إلى قطع علاقتها بإيران بسبب دعم حزب الله اللبناني المدعوم من إيران للبوليساريو، ولهذا أعلنت اللجنة خلال تأسيسها بمقر الحزب المغربي الليبرالي في 2018 أن لا علاقة لها بالسفارة الإيرانية، كما أعلنت في إعلانها عن ندوة 28 يناير “استقلاليتها عن الجمهورية الإيرانية”. وحسب محمد لغريب، نائب منسق لجنة الشيعة المغاربة، فإن الندوة المقبلة تعد ثالث نشاط يتم تنظيمه، فبعد لقاء التأسيس، يقول لغريب، “كان مقررا عقد لقاء في نهاية دجنبر الماضي في مقر الكنيسة الإنكليكانية بالرباط، بحضور سفراء أجانب، لكن تم منع اللقاء”. وعن سبب عقد معظم لقاءات الشيعة المغارب في مقر الحزب المغربي الليبرالي، قال لغريب إن هذا الحزب هو الوحيد الذي يقدم “تسهيلات” للجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، مشيرا إلى أنه سبق للجنة أن طلبت الحصول عل قاعة عمومية، لكن تم رفض طلبها. وعن عدد الشيعة المغاربة النشيطين في اللجنة، كشف لغريب، أن عددهم لا يتعدى حوالي 10 أشخاص، لكنه أشار إلى أن عدد الشيعة المغاربة “كبير”، ولكنهم “يخشون الإفصاح عن مذهبهم”. ولا يعتمد المغرب إحصاء المغاربة على أساس مذهبي، لأن الأغلبية الساحقة من المغاربة هم مسلمون على المذهب السني، وتتبنى الدولة وحدة المذهب المالكي، وبالتالي لا توجد أرقام رسمية حول عدد الشيعة، لكن تقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية، يفيد استنادا إلى قيادات شيعية بوجود الآلاف من المغاربة الشيعة. ووجهت لجنة الشيعة المغارب دعوة إلى مجموعة من الحقوقيين والمنتمين إلى جميع الأقليات الدينية الموجودين في المغرب، “بما في ذلك المسلمين الشيعة والسنة والمسيحيين وغير المؤمنين بالمعتقدات” لمناقشة “مضمون الدستور حول علاقة الدين الرسمي بالدولة، وحق الديانة والعقيدة”، وذلك في سياق جمع مقترحات لصالح ما يسمى “لجنة النموذج التنموي”.وتعتبر اللجنة من أهدافها “حماية المنتمين للمذهب من الاضطهاد، والترافع من أجل الحريات وحقوق الإنسان”. ويتبنى المغرب في خطابه الرسمي احترام حرية العقيدة والدين، وسبق أن صرح الملك محمد السادس في حوار مع وسائل إعلام في مدغشقر، خلال زيارته لها في نونبر 2016، بأن “ملك المغرب هو أمير المؤمنين لجميع الديانات”، لكن هناك حساسية خاصة في المملكة بشأن “التعبيرات الاحتفائية والحقوقية الدينية”، خارج الدين الإسلامي والمذهب السني المالكي، حسب ما قال مصدر حكومي، ل”أخبار اليوم”. الطائفة اليهودية عاشت في المغرب لقرون محفوظة الحقوق، ولها مؤسساتها، ولكنها لا تطرح إشكالا مادام المغاربة لا يمكن أن يرتدوا لليهودية،لكن المشكل يطرح مع المسيحية والتشيع. فحرية الدين مضمونة، ولا يمكن المساس بها، لكن “من منظور الدولة للنظام العام”، فإن الكنائس تبقى خاصة بالأجانب والمهاجرين المسيحيين، وليس للمغاربة الذين يعتبرون “مرتدين”، كما أن السلطات تتسامح مع ممارسة الطقوس الدينية للمغاربة المسيحيين والشيعة، شريطة أن تتم “بدون احتفالية واستفزاز”، وألا تتأسس تنظيمات تُعبر عن هذه الأقليات.