قيل إن الأمل هو تلك النافذة الصغيرة، التي مهما صغر حجمها إلا أنها تفتح أفاقا واسعة في الحياة، وهي نفس النافذة التي لم يغلق شباكها الشاب المغربي هاني الحراق، إذ ظل متشبثا بذاك النسيم الذي يمر من فتحتها الصغيرة، فهو لم يجعل من لقب “ولد الخيرية” سببا لليأس والفشل، بل إنه دفعه إلى المضي قدما، وبصم اسمه كفاعل مهم في صياغة المشاريع الاجتماعية، ومساعدة مؤسسات الرعاية الاجتماعية. يحكي هاني في برنامج “حكايتي” ل”ويلوفبوز” أنه بمجرد أن أتم 18 سنة من عمره كان موعده مع هدية لم يتصورها من قبل، إذ طلب منه مغادرة مؤسسة الرعاية الاجتماعية، التي أوته منذ صغره، لأنه بلغ سن الرشد القانوني. وعبر هاني عن صدمته بتلقي خبر مغادرة الخيرية، وقال: “كأنك تجبر على مغادرة حضن أمك بين عشية وضحاها، لتكتشف عالما موحشا غير ذاك الذي ألفته بين الجدران الآمنة ل”الخيرية”. لقد كانت الصدمة أهون من الحقيقة، التي اكتشفها وسط الشارع، حقيقة ظن أنها حبيسة علبة التلفزة فقط، ليجد نفسه بطلا لفيلم درامي لا يعرف نهايته؛ وحوش آدمية قد تفترس براءتك دون حسيب، أو رقيب، ووحدة تتخلل العظام كأنها ليلة عاصفية من ليالي فصل الشتاء، ثم صحة معطوبة لا تستطيع حمايتك مما ينقض عليك. ولعل من قال “كلام الناس يقتل” محق، فقد اعترف هاني في نفس الحوار أنه كثيرا ما فكر في وضع حد لحياته، وإنهاء هذه المعاناة، النفسية منها على الخصوص، ف”ما إن تطرق باب مسؤول ما لمساعدتك يصدك بعيدا، ويهينك بشيء لم تصنع منه شيئا”. وقال هاني إنه ربما كان محظوظا بأناس وضعهم القدر في طريقه، بما فيهم الوالي، المدير العام للجماعات المحلية، خالد سفير، الذي دائما ما جمعته بأطفال مؤسسة الرعاية، التي كان فيها، علاقة الأب بأطفاله، حسب المتحدث نفسه. ووجه هاني من خلال الفيديو المذكور رسالة للمسؤولين لإعادة النظر في طريقة تعاملهم مع شريحة من المجتمع (أطفال مؤسسات الرعاية الاجتماعية)، الذين يحتاجون كل الدعم النفسي، والمعنوي لتجاوز محنتهم. اليوم، هاني الحراق تجاوز ذلك الفصل الموجع من قصته، وكتب فصلا أكثر إيجابية لمساعدة أطفال دور الرعاية على مواصلة حياتهم دون التعثر في مطبات، وصفها بالقاسية، ليؤسس بدوره جمعية مبادرة الأمل للإدماج الاجتماعي، التي خرجت للوجود بفضل المخاض العسير، الذي مرت به حياته في فترة معينة، وأنجبت كل هذا الأمل.