هل صحيح أن الحكومة وافقت على تعديل في مشروع قانون المالية 2020، بشأن إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل؟ هذا السؤال تردد كثيرا نهاية الأسبوع الماضي وسط المتقاعدين من القطاعين العام والخاص، والبالغ عددهم حوالي مليوني متقاعد. كثير من المتقاعدين، وخاصة من ذوي المعاشات المتوسطة والمرتفعة استبشروا خيرا لأنه إذا صح ذلك، فإنهم سيستفيدون كثيرا من حيث الدخل. فما حقيقة ذلك؟ الأمر يتعلق بموافقة مجلس المستشارين مساء الجمعة الماضي، على تعديل انصب على المادة 56 من المدونة العامة للضرائب، وتحديدا ما يتعلق بالأجور والدخول المعتبرة في حكمها، بحيث اقترح فريق الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حذف المعاشات من قائمة الدخول الخاضعة للضريبة. وبررت “الكدش” تعديلها، بأن الأجير “يظل طيلة حياته العملية يؤدي مساهماته الضريبية التي تقتطع له من المنبع”، كما بررته بالرغبة في “تخفيف الضغط الجبائي على الطبقات الهشة والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن”. ولكن وزير المالية محمد بنشعبون ترافع خلال الجلسة العامة ضد هذا التعديل، معتبرا أنه سيؤدي إلى تخفيض موارد الميزانية ب10 ملايير درهم، لكن الوزير لم يلجأ إلى استعمال فيتو الفصل 77 من الدستور، الذي يعطي الحق للحكومة في الاعتراض على أي تعديل من شأنه أن يقلص موارد الدولة أو يزيد نفقاتها، فتم الالتجاء إلى التصويت، فكانت المفاجأة، هي المصادقة عليه بأغلبية 30 صوتا مقابل اعتراض 29 وامتناع 9. عبدالحق حيسان، برلماني الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال ل”أخبار اليوم” إن فريقه لم يكن يتوقع المصادقة على هذا التعديل، مضيفا “كان هدفنا أن نحرج الحكومة والأغلبية، ولم نتوقع المصادقة عليه”، لأنه، حسب قوله، كان يبدو أنه لن يحظى بالموافقة. وذكر المستشار البرلماني، أنه سبق أن تقدم بهذا التعديل في لجنة المالية، لكنه رُفض لأنه كان الوحيد الذي صوت عليه، في حين أن جميع الأعضاء الحاضرين صوتوا عليه بالامتناع أو بالرفض. ووقع ارتباك كبير في صفوف الأغلبية الحكومية خلال التصويت، فالمادة 56 المعنية بالتعديل، توجد ضمن تعديلات عدة وردت على المادة 6 من مدونة الضرائب، وقد تبين أن فريق البيجيدي صوت ضد المادة 56 حين عرضت كمادة فريدة، لكن خلال التصويت على المادة 6 إجمالا، اختار الفريق التصويت بالامتناع. وفي هذا الصدد يشرح نبيل الشيخي، رئيس فريق البيجيدي، هذا الموقف قائلا: “صوتنا على التعديلات الواردة على المادة 6 إجمالا بالامتناع، لأنها تضمنت تعديلات وافقت عليها الأغلبية الحكومية، وفِي الوقت عينه تضمنت تعديل المادة 56، التي رفضتها الحكومة والأغلبية، ولهذا اختارنا الامتناع لأن التصويت إيجابيا على المادة كلها يعني أننا مع تعديل المادة 56، وتصويتنا ضد المادة كلها سيعني أننا ضد كل التعديلات”. هذا، ويصل عدد المتقاعدين في المغرب إلى ما يناهز 2 مليون متقاعد، وهم يخضعون للضريبة على الدخل حسب الأشطر، فالمعاشات التي لا تتجاوز 3000 درهم لا تخضع للضريبة أصلا، أما فوق هذا المبلغ، فهو خاضع للضريبة حسب الأشطر، مع الاستفادة من خصم 55 في المائة من هذه الضريبة. وخلال مناقشة مشروع قانون المالية جرى نقاش في مجلس المستشارين حول دعم المتقاعدين، على غرار الزيادات في أجور الموظفين، فتقدمت الأغلبية بتعديل يرمي إلى رفع نسبة الخصم من 55 في المائة إلى 60 في المائة، وهو ما قبلته الحكومة، ما يعني استفادة المتقاعدين من خصم جديد بقيمة 5 في المائة، شريطة أن يساوي الدخل السنوي للمعاش أول يقل عن 168 ألف درهم. كما قبلت الحكومة تعديلا آخر يعفي معاشات العجز الممنوحة للأشخاص أو لخلفهم. وحسب مصادر برلمانية، فإن التعديل المتعلقة بإعفاء المعاشات من الضريبة سيكون مآله الإسقاط خلال القراءة الثانية لمشروع القانون المالية أمام مجلس النواب، لأن الحكومة ترفضه بسبب “كلفته المالية العالية”. وبالمقابل، سيتم الاحتفاظ بالتعديلين المتعلقين برفع الخصم من الضريبة من 55 إلى 60 في المائة، على أساس سقف من المعاش لا يتعدى 14 ألف درهم شهريا، أي 168 ألف درهم سنويا، كما سيتم يتم الاحتفاظ بإعفاء معاشات العجز من الضريبة.