بعد تصويت البرلمان على مشروع قانون المالية، متضمنا المادة 9، التي تمنع تنفيذ الأحكام القضائية، الصادرة في مواجهة الدولة، والجماعات الترابية عن طريق الحجز، لا زال الجدل متواصلا حول هذه المادة، وسط استعداد المحامين للخروج للاحتجاج رفضا لها. وأعلنت جمعية هيئات المحامين في المغرب، في بلاغ لها أصدرته في الداخلة نهاية الأسبوع الماضي، عزمها تنظيم وقفة احتجاجية الأربعاء المقبل، أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، للمطالبة بالتراجع بشكل عاجل عن مقتضيات هذه المادة، وسن قوانين تعزز سيادة القانون وتفرض على المحكوم عليهم خصوصا من إدارات ومؤسسات عمومية وجماعات ترابية، التعجيل بمنح الحقوق لأصحابها وتنفيذ الأحكام القضائية. واعتبر المحامون أن ما تضمنته المادة المذكورة، من منع إخضاع أموال الدولة للحجز، تنفيذا لأحكام قضائية، هو إنكار للعدالة وتعطيل لوظيفة القضاء، وللأمر بالتنفيذ الذي يصدر بأمر من أعلى سلطة في البلاد، وتضييع لحقوق المتقاضين الذين لم يستصدروا تلك الأحكام المقرة لحقوقهم إلا بعد مساطر إدارية وقضائية قد تكون معقدة وطويلة ومكلفة. وكانت المادة المثيرة للجدل قد أغضبت القضاة، إذ قال "نادي قضاة المغرب" إن ما تضمنته مقتضيات المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة 2020، من منع لتنفيذ الأحكام القضائية، الصادرة في مواجهة الدولة، والجماعات الترابية عن طريق الحجز، "يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط، واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية، والتنفيذية، كما هو منصوص عليه في الفصلين 1 و107 من الدستور". واعتبر النادي مقتضيات المادة المذكورة "آلية تشريعية لإفراغ الأحكام، والمقررات القضائية، الصادرة في مواجهة الدولة، والجماعات الترابية من محتواها، وإلزاميتها، وذلك خلافا للفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور، الذي ينص على أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، دون تمييز بين أطراف الدعاوى المتعلقة بها". وسجل القضاة أن المقتضيات المذكورة، "فضلا عن مخالفتها لأحكام الدستور، فإنها، من جهة أخرى، مخالفة للتوجيهات الملكية السامية، التي ما فتئت توصي بضرورة وأهمية تنفيذ المقررات القضائية، وجريان مفعولها على المحكوم ضدهم"، يضيف البيان، "بما في ذلك الإدارة، وكل مرافق الدولة، في إطار المبدأ الدستوري، القاضي بمساواة الجميع أمام القانون، والقضاء". من جانبه، استغرب فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، خلال المناقشة العامة لقانون المالية لسنة 2020، في لجنة الاقتصاد والمالية، ما اعتبره "تدخل نادي قضاة المغرب في عمل السلطتين التنفيذية، والتشريعية". وعبر رئيس فريق العدالة والتنمية، مصطفى الإبراهيمي، خلال مداخلته باسم الفريق، عن الاستياء من الحكم الصادر عن نادي قضاة المغرب، بعدم دستورية المادة التاسعة، المتعلقة بالأحكام القضائية، التي أثارت جدلا بعد إدراجها، مجددا، في مشروع قانون المالية.