مدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أول أمس الأربعاء، مهمة بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء المعروفة اختصارا ببعثة المينورسو، سنة واحدة. وأكد السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، عمر هلال، أن الدعم المتزايد لموقف المغرب حول الصحراء، هو ثمرة إجماع وطني ودبلوماسية نشطة، وقال هلال، في مؤتمر صحفي بمقر الأممالمتحدة، عقب اعتماد مجلس الأمن للقرار رقم 2494 بشأن قضية الصحراء، “هناك أولا قناعة راسخة بعدالة القضية الوطنية تم الحفاظ عليها وإلهامها وتوجيهها من خلال الالتزام الشخصي لجلالة الملك محمد السادس”. وقال هلال إن قضية الصحراء “ليست قضية الحكومة أو الأحزاب السياسية، بل هي قضية جميع المغاربة”، مضيفا أن “هذا الإجماع الوطني لا يمكن لأحد أن ينال منه، لأنه صادق”. وشدد المتحدث على أن دعم الموقف المغربي، في إفريقيا والمحيط الهادي وآسيا وأمريكا اللاتينية، هو أيضا نتيجة “للدبلوماسية الهجومية، المبادِرة والقائمة على الاقتناع”. وشدد الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة على أن “الدبلوماسية المغربية كانت دائما دبلوماسية مبادئ وحجج تستند إلى الشرعية الدولية والأسس القانونية والتاريخية للقضية الوطنية”. كما أبرز السفير دينامية التنمية التي تشهدها أقاليم الصحراء، مشيرا إلى أن المغرب أنفق، منذ ثلاث أو أربع سنوات، نحو 8 ملايير دولار لخلق نشاط اقتصادي وإنجاز مشاريع مهيكلة، مثل الميناء الضخم على المستوى القاري المرتقب تشييده في مدينة الداخلة، والذي سيشكل منصة للربط بين إفريقيا وأوروبا والأمريكيتين. وفي سياق المستجد الأممي بخصوص ملف الصحراء، قال الخبير في القانون الدولي والشؤون الصحراوية صبري الحو، إن تمديد وجود البعثة في المنطقة ليس إلا رجوعا إلى القاعدة التي كانت متبعة من لدن الأممالمتحدة في إشرافها على دراسة الأوضاع في الأقاليم الجنوبية، ويرى الحو بأن العودة إلى الفترة المتبعة فيما سبق، تعني أن صناع القرارات من داخل لوائح مجلس الأمن لا يرون أن الملف له طبيعة استعجالية، بمعنى أن النظر إلى الملف تغير عما كان متبعا في السنتين الماضيتين. وأكد الحو أن المغرب كان دائم المطالبة بمنح كل الأطراف الوقت الكافي لدراسة الملف، وألا يكون النظر فيه بشكل مستعجل، ما يعني أن المغرب اليوم حقق انتصارا تقنيا وشكليا. وشدد الحو أن هذا الأمر التقني رغم بساطته، فهو أمر مثير للانتباه، وبقاؤه في الأروقة الأممية يزعج ويقلق الدبلوماسية المغربية، لكن الخبير في القانون الدولي قال إن الأهم من كل هذا اليوم، هو المضمون والجوهر السياسي للتطور الجديد في الملف، إذ أن القرار الأممي وضع مراجع إسناد جديدة، وهما قرارا أبريل 2019 وأكتوبر 2018، ومجلس الأمن يريد أن يكون الحل اليوم سياسيا. وقال الحو إن الحل الوسط في قضية الصحراء، لن يكون إلا تحت السيادة المغربية وبالابتعاد عن مقترح الاستفتاء، لأن الأممالمتحدة فشلت في إجرائه، كما أن مقترح الحكم الذاتي يبقى أكثر واقعية، بالحفاظ على حقوق الجميع بما فيها حق المغرب التاريخي، والخطوة الجديدة التي تمت اليوم شكلا، لا يمكن اعتبارها إلا خطوة إيجابية نحو الأمام، لكن الأمور لن تكون يسيرة مستقبلا وفق الخبير القانوني، لأن تحقيق النجاح ليس بالأمر الصعب، بل الحفاظ على مكتسباته هو ما سيثقل كاهل الدبلوماسية المغربية في المستقبل. وكتب أستاذ العلوم السياسية محمد الزهراوي في منصة للتواصل الاجتماعي، أنه لا بد من التذكير بأن السياقات والظروف المحيطة بهذا القرار مختلفة نوعا ما عن السابق. فالقرار الجديد الخاص بالتمديد حسب الزهراوي “يأتي في ظل غياب أو ذهاب أبرز المنافحين والمدافعين عن أطروحة خصوم المغرب من داخل الإدارة الأمريكية، وبالتحديد جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق، الذي أقاله الرئيس الأمريكي ترامب بسبب مواقفه إزاء مجموعة من الملفات الحيوية والاستراتيجية”. وأضاف الزهراوي بأن القرار يأتي أيضا في وقت مازال فيه منصب المبعوث الخاص للأمين العام شاغرا بعد استقالة هورست كوهلر في شهر ماي الماضي”. ويرى الزهراوي أن مضمون القرار 2494 يكرس الوضع القائم الذي وصفه ب”الستاتيكو”، كما أن البيان الذي أصدرته البوليساريو مباشرة بعد صدور هذا القرار، وصفه ببيان ذي نبرة يائسة ومكسورة، حاولت الجبهة إخفاء انتكاستها فيه، من خلال توظيف مفردات ومصطلحات تهديدية وتصعيدية، ويرى ذات المتحدث أن ملف الصحراء يتجه نحو نقطة الصفر، ما ينذر بانفجار أو انفلات ممكن في مخيمات تندوف. وفي بيان صحفي صادر عن جبهة البوليساريو عقب تبني قرار مجلس الأمن، قالت الجبهة إن عملية الأممالمتحدة للسلام في الأقاليم الصحراوية وصلت الى منعطف خطير، ولم يعد أمام الجبهة أي خيار سوى إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام برمتها. ووصفت الجبهة الانفصالية في بيانها القرار الأممي ب”الرجوع المؤسف للغاية وغير مقبول إلى سياسة ترك الأمور على حالها المعهود” في المنطقة، و”نكسةً خطيرةً للزخم السياسي الذي خلقه المجلس وحافظ عليه على مدى الشهور ال18 الماضية. واصفة التطور الجديد في الملف ب”تضييع فرصة أخرى للحيلولة دون انهيار عملية السلام” بسبب فشل مجلس الأمن في المضي قدما في التزامه بوضع حد للوضع القائم، حسب بيان جبهة البوليساريو.