أياما قليلة بعد إلغاء ثلاث صفقات بقيمة حوالي 800 مليون سنتيم، صفقة جديدة لترميم الآثار بمراكش يتم إلغاؤها، فقد أعلنت لجنة فتح الأظرفة، التابعة للمحافظة الجهوية للتراث الثقافي بمراكش، مؤخرا، عن عدم جدوى طلب العروض الخاص بترميم المطابخ القديمة ب «دار سي سعيد»، التي أجريت الثلاثاء المنصرم، والبالغة حوالي 360 مليون سنتيم، وتدخل في إطار المشروع الملكي لتأهيل المدينة العتيقة بمراكش، الذي كان أطلقه الملك محمد السادس، في أكتوبر من 2018، وتصل الاعتمادات المالية المخصصة له إلى حوالي ملياري سنتيم. وقد عللت المحافظة الجهوية قراراها بعدم تقديم أي عرض للمنافسة على الصفقة المذكورة، موضحة، في الإعلان المنشور في البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية، بأنها استندت إلى المادة 42 من قانون الصفقات العمومية في إلغاء الصفقة الجديدة، التي كان مفترضا أن تتناول أشغالها ترميم السور والقبب والأبواب والنوافذ الخشبية وتهيئة المرافق الصحية، وهدم بنايات عشوائية بهذه المعلمة التاريخية الكائنة بدرب «للا شاشة» بدوار «كَراوة»، بمقاطعة «مراكشالمدينة». واستنادا إلى مصدر مطلع، فقد حضر مهندس معماري مداولات لجنة فتح الأظرفة نفسها، التي ألغت صفقة «دار سي سعيد»، وأبرمت صفقة ثانية بقيمة 320 مليون سنتيم، وتتعلق بترميم بجزء من حدائق «أكَدال بّاحْماد». وإذا كانت الاستعانة بخبير تقني يسمح بها القانون في عملية تقييم العروض التقنية، طبقا للمادة 38 من قانون الصفقات العمومية، فإن حضور هذا المهندس، الذي كان مديرا مركزيا سابقا بوزارة الثقافة، لعمليات فتح أظرفة طلبات العروض الخاصة بالصفقات الأخيرة التي أبرمتها المحافظة، من بدايتها إلى نهايتها، بما فيها عمليات تقييم العروض الإدارية والمالية، يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة وأنه هو الذي قام بإعداد تصاميم مراحيض وأكشاك بقصر «الباهية»، والتي بلغت تكلفة بنائها حوالي 50 مليون سنتيم، قبل أن تصدر تعليمات مركزية من وزارة الثقافة بهدم المرافق الصحية، بسبب «اختلالات تقنية» و»عدم الحصول على التراخيص من الجهات المختصة»، وهي المهمة الأخيرة التي من المفترض أن يضطلع بها المهندس المعماري، غير أن ما أثار الجدل هو أّن المحافظة الجهوية للتراث الثقافي عمدت إلى تكليف مقاولة أخرى بهدم المرافق الصحية والأكشاك، بواسطة سندي طلب بمبلغ 26 مليون سنتيم، بدل أن تلزم المقاولة نفسها بهدمها إعمالا لبنود دفاتر التحملات الخاصة بمثل هذه الصفقات، التي تفرض على الشركة التي تولت إنجاز أشغال مختلة تقنيا هدمها على نفقتها. وحسب المصدر نفسه، فإن المحافظة الجهوية لم تنشر بالبوابة الالكترونية للصفقات العمومية التعديلات التي أجرتها على نظامي الاستشارة ودفتري التحملات الخاصين بالصفقتين الأخيرتين، التي كان مقررا إبرامها بتاريخ 3 أكتوبر الجاري، قبل أن يتم إرجاؤهما إلى 22 من الشهر نفسه، حتى يتم الإطلاع عليها من طرف المقاولات، التي قامت بتحميل وثائق الصفقتين، طبقا للفقرة السابعة من المادة 17 من قانون الصفقات العمومية. هذا، وكانت المحافظة الجهوية ألغت، بتاريخ 11 أكتوبر الجاري، ثلاث صفقات تتعلق بترميم فضاء ومحيط «مسجد الكتبية»، «قصر البديع»، و»باب أكَناو»، التي كانت فازت بها شركة يوجد مقرها بفاس، بتاريخ 26 شتنبر الفارط، وعللت الإلغاء بأن العروض المقدمة من طرف المقاولة الفائزة بهذه الصفقات الثلاث «عديمة الجدوى»، مستندة إلى الفقرة السابعة من المادة 40 من قانون الصفقات العمومية، التي تنص على أنه «يجب أن تقدم عناصر جواب المتنافس في ظرف مغلق»، إذ أن أوضحت المحافظة الجهوية بأنها راسلت المقاولة الفائزة من أجل الإدلاء لها بالوثائق التكميلية المطلوبة، بتاريخ 3 أكتوبر الحالي، غير أن المسؤول القانوني لهذه الأخيرة قام بإيداعه لدى أحد الموظفين بالمحافظة في ظرف مفتوح، وهو ما اعتُبر سببا مباشرا في إلغاء الصفقات الثلاث. في المقابل، يؤكد مصدرنا بأنه إذا كان إبرام الصفقات المذكورة شابتها «خروقات قانونية ومسطرية»، فإن إلغاءها لم يكن أفضل حالا، موضحا بأن الخازن الإقليمي، وبعد أن كان تحفّظ على دفاتر التحملات وأنظمة الاستشارة الخاصة بالصفقات، مبديا أكثر من 40 ملاحظة بخصوصها، تتعلق بعدم التزامها ببعض بنود قانون الصفقات العمومية، وتضمّنها لمواد تخلّ بالمنافسة، وهي الملاحظات التي لم يتم الأخذ بمعظمها، عاد المسؤول نفسه وتحفّظ على مسطرة الإلغاء، مشيرا إلى أن المحافظة الجهوية كان حريّا بها أن تراسل المقاولة الفائزة من أجل توضيح عروضها المالية والأثمنة التفصيلية لأشغال الترميم.