المصالح الجيواستراتيجية والاقتصادية بين المغرب والجزائر وإسبانيا حول الغاز الآتي من الجزائر تعود إلى الواجهة في ظل المتغيرات والتقلبات الإقليمية والدولية؛ ومحاولات جزائرية إسبانية لمحاصرة المغرب وتضييق الخناق على قدراته التفاوضية بخصوص احتمال سعيه إلى المطالبة برفع عائداته من خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا (MEG)، المعروف ب بيدرو ديران بيبيليني ، والذي ينقل الغاز الطبيعي من حقل حاسي الرمل بالجزائر عبر شرق المغرب إلى مدينة قرطبة ومنها إلى البرتغال. خط الأنابيب هذا تملكُ الحكومة الجزائرية الكيلومترات ال515 الموجودة فوق أراضيها، بينما تملك الحكومة المغربية الكيلومترات ال522 التي تقطع أراضيها ومياهها صوب إسبانيا، بناء على اتفاق موقع سنة 2011 بين الجارين لمدة 10 سنوات يقضي باستيراد المغرب 640 مليون متر مكعب من الغاز عبره. لكن في 2021 سينتهي العقد وسيستحوذ المغرب على ملكيته، لهذا تتخوف إسبانيا، بالدراجة الأولى، من مطالبة المغرب برفع قيمة السماح بمرور الغاز عبر أراضيه إليها خاصة، وإلى أوروبا عامة. ومن المعلوم أن الجزائر تعتبر المزود الرئيس لأوروبا، خاصة، إسبانيا، بالغاز الطبيعي. لهذا توجد اليوم ثلاثة خطوط أنابيب تزود أوروبا بالغاز الجزائري: أولا، خط أنابيب المغرب العربي المار عبر المغرب؛ ثانيا، خط أنابيب الغاز “ميد غاز” الذي يصب في ألميرية، وخط ثالث إلى إيطاليا. في هذا الصدد، أوضح مقال تحليلي لصحيفة “الإسبانيول” أن رئيس الشركة الإسبانية “ناتيغجي”، فرانسيسكو راينيس، قام بصفقة كبيرة ذات بعد جيواستراتيجي الأسبوع الماضي، عندما توصل إلى اتفاق مع شركة سوناطراك الجزائرية والشركة الإسبانية “ثيبسا”، التي تملك الإمارات جل أسهمها، يقضي بشراء ” ناتيغجي” أسهم شركة “ثيبسا” (42 في المائة) في خط أنبوب الغاز “ميد غاز” البحري الذي يربط الجزائر بمدينة ألميرية الإسبانية بقيمة 548 مليون أورو. ووصف المصدر الصفقة قائلا: “فرانسيسكو راينيس لعب أوراقه في أول تحرك تشاركي له كرئيس للغاز، من أجل ضمان العلاقات التجارية مع الجزائر- التي تزود إسبانيا بالغاز- ومن أجل ربح، أيضا، موقع تفاوضي قوي مع المغرب، أكبر هدف له في المقبل من الأيام”. وتملك اليوم شركة “ناتيغجي”، المتخصصة في الطاقة والكهرباء، 49 في المائة من أسهم “ميد غاز”، لأنها كانت تملك من قبل 7 في المائة تقريبا من أسهمه. وتابع أنه بعد إغلاق صفقة خط الغاز “ميد غاز”، فإن فرانسيسكو راينيس “يضع عينه على المفاوضات مع المغرب التي يجب أن تدخل على خطها الحكومة الإسبانية المقبلة وحتى الملك فيليبي السادس”. وأردف أن “الشراء الاستراتيجي ل49 في المائة من أسهم “ميد غاز” بالجزائر يدخل في إطار خطر (التخوف من) أن يقوم المغرب في 2012 بفرض سعر كبير على تجديد العمل باتفاق خط أنابيب الغازي الجزائري الذي يمر عبر أراضيه”. إذ أن الإسبان لم يرغبوا في اللعب بالنار، وفضلوا على الأقل ضمان أنبوب واحد في انتظار مصير المفاوضات مع المغرب. ويقول المصدر إنه “إذا فشل المغرب (في تجديد العقد)، وهو الشيء الذي يتوجب على الدبلوماسية الإسبانية منع حدوثه، يتضمن “ناتيغجي” استغلال أنبوب “ميد غاز”، لكن، رغم ذلك، يجب العمل على أن لا يفشل المغرب في تجديد (عقد) سيعود بالنفع على البلدين”. وذكر المصدر ذاته أن المفاوضات بين إسبانيا والمغرب حول تجديد العمل بالأنبوب مفتوحة.