قتل 18 شخصا على الأقل في العراق، منذ مساء أول أمس الثلاثاء، في حركة احتجاجية دامية تطالب برحيل “الفاسدين” وتأمين فرص عمل للشباب، امتدت، حاليا، لتطال معظم المدن الجنوبية، في حين عمدت السلطات إلى قمع التظاهرات وقطع الأنترنيت لتقليل الولوج إلى الشبكات الاجتماعية. رصاص حي وأطلقت القوات الأمنية العراقية مجددا، اليوم الخميس، الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، الذين تجمعوا في وسط بغداد، على الرغم من حظر التجول، الذي دخل حيز التنفيذ فجرا. ويعد هذا اليوم الجديد اختبارا حقيقيا لحكومة عادل عبد المهدي، التي تكمل في نهاية الشهر الحالي عامها الأول في السلطة. ومنذ الثلاثاء الماضي، امتد السخط الاجتماعي الموزع بين الاستياء من الفساد، والبطالة، وانعدام الخدمات العامة، إلى مدن جنوب البلاد. ويبدو هذا الحراك حتى الساعة عفويا، إذ لم يعلن أي حزب أو زعيم سياسي، أو ديني دعمه له، في ما يعتبر سابقة في العراق. وكان الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، قد قرر، ليلة أمس، وضع ثقله في ميزان الاحتجاجات، داعيا أنصاره، الذين سبق أن شلوا مفاصل البلاد في العام 2016 باحتجاجات في العاصمة، إلى تنظيم “اعتصامات سلمية”، و”إضراب عام”، ما أثار مخاوف من تضاعف التعبئة في الشارع. أوطلقت قوات مكافحة الشغب العراقية الرصاص الحي في الهواء مجددا، اليوم، لتفريق عشرات المتظاهرين، الذين أشعلوا إطارات في ساحة التحرير في وسط بغداد، بحسب مصور من وكالة “فرانس برس”. بعد قطع شبكة الانترنت في العراق هكذا يتعامل الحكومة مع المتظاهرين حاليا في بغداد الوضع خطر قتل المتظاهرين بشتى الطرق اطلاقات ناريه تجاهم وسيارات مصفحة تقوم ب دهس المتظاهرين العزل ريتويت من فضلكم حتى تنتشر الفديو #العراق_ينتفض pic.twitter.com/65vSKpvjJL — Mourinho | بؤساء (@Aslan__RM) October 3, 2019 إغلاق للطرقات وفي أماكن أخرى من العاصمة، وفي مدن عدة يواصل المحتجون إغلاق الطرقات، أو إشعال الإطارات أمام المباني الرسمية في النجف، أو الناصرية جنوبا. وفي محافظة ذي قار، وكبرى مدنها الناصرية، التي تبعد 300 كيلومتر جنوببغداد، قتل عشرة أشخاص، منذ أول أمس، بينهم شرطي، بحسب ما أعلن مسؤول محلي. وقتل أربعة متظاهرين آخرين في مدينة العمارة، كبرى مدن محافظة ميسان، إضافة إلى متظاهرين اثنين في بغداد، وآخرين في الكوت في شرق البلاد، وفق المصدر نفسه، فيما أصيب أكثر من 600 شخص بجروح في أنحاء البلاد. #العراق_تنتفض الله ينصرنا يارب قطع الأنترنيت ويبدو أن الحكومة العراقية، التي اتهمت “معتدين”، و”مندسين” بالتسبب “عمدا بسقوط ضحايا بين المتظاهرين”، قد اتخذت خيار الحزم. ومنذ مساء أمس، أيضا ، بدا صعبا الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي مع بطء شديد في شبكة الأنترنت. ويسعى المحتجون في بغداد إلى التوجه إلى ساحة التحرير في وسط العاصمة، التي تعتبر نقطة انطلاق تقليدية للتظاهرات في المدينة، ويفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية، حيث ضربت القوات الأمنية طوقا مشددا منذ أول أمس. وقررت السلطات العراقية، التي أعادت، في يونيو الماضي، افتتاح المنطقة الخضراء، التي كانت شديدة التحصين، وتضم المقار الحكومية، والسفارة الأمريكية، إعادة إغلاقها، مساء أمس، منعا لوصول المتظاهرين. وعادة ما يتخذ المتظاهرون من المنطقة الخضراء وجهة لهم لرمزيتها السياسية. وأعلن مجلس محافظة بغداد أنه قرر تعطيل العمل، اليوم، في كل الدوائر التابعة له، الأمر الذي سيسمح لقوات الأمن بتعزيز نفسها، وتشديد قبضتها في مواجهة المتظاهرين. العراق العربي العظيم يمرض لكنه لا يموت انتفاضة احرار العراق ضد الهيمنة الفارسية والصفوية يا الله نصرك وتدبيرك يارب pic.twitter.com/i3DK3noeCk — محمد بن حوقان المالكي (@binhowgan) October 3, 2019 الفساد يحرك الإحتجاجات وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق “جينين هينيس-بلاسخارت” عن “قلق بالغ”، داعية السلطات إلى “ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات”. وكان لافتا للانتباه أن الاحتجاجات لم تمتد إلى المحافظات الغربية، والشمالية، خصوصا المناطق السنية، التي دمرتها الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وإقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي. ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، انقطاعا مزمنا للتيار الكهربائي، ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية. وتشير تقارير رسمية إلى أنه منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.