شهدت عدد من المدن المصرية، مساء أمس الجمعة، احتجاجات غير مسبوقة منذ 6 سنوات نادت علانية برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أحداث شبيهة بانطلاق ثورة 25 يناير التي أسقطت الرئيس الأسبق، حسني مبارك. وتمكن المتظاهرون من الوصول إلى عدد من أبرز ميادين مصر، خصوصا ميدان التحرير رمز ثورة يناير الذي ظل مغلقا أمام المظاهرات والتجمعات الشعبية في السنوات الماضية، فيما حاولت الأجهزة الأمنية تفريق التجمعات باستخدام الغاز المسيل للدموع قبل أن تعتقل عددا من المشاركين في التظاهر، وفق ما أكده مراسل “فرانس بريس”. وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الأشخاص الذين تجمعوا في الاسكندرية والمحلة ودمياط في دلتا النيل، وكذلك في السويس. المظاهرات شملت عددا من المحافظات المصرية، بينها القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس والغربية والدقهلية والقليوبية وبني سويف والشرقية والغربية ودمياط، وكان زخمها الأكبر في القاهرة والإسكندرية والسويس. الشعار الأبرز للمظاهرات الجديدة كان هو “ارحل يا سيسي”، كما ردد المحتجون هتافات أخرى من قبيل “قول ما تخافشي، الخاين لازم يمشي”، و”ارحل، ارحل”، في إشارة إلى السيسي، وهي هتافات كانت قد ميزت ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد ثلاثة عقود في السلطة. أما تعاطي قوات الأمن مع المحتجين فتميز بالتفاوت، ولكنه لم يكن “متوحشا” في الغالب، وفق ما أكده موقع “الجزيرة” الذي أشار إلى أن الأمن المصري أطلق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المظاهرين ضد السيسي في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، وأغلق الطرق المؤدية إلى الميدان. وأضافت المصادر أن الأمن شن حملة اعتقالات عشوائية في الميدان. وتزامنا مع ذلك نشرت على الإنترنت لقطات من التظاهرات التي هتف فيها العشرات “إرحل يا سيسي”، باستخدام وسم #ميدان_التحرير والذي وصل إلى المرتبة الثانية في الترند العالمي بحولي مليون تغريدة على تويتر وحده. وعلى مستوى المواقف الدولية فقد جاء أولها من منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، والتي أكدت أن” الأجهزة الأمنية التابعة للسيسي استخدمت العنف الوحشي ضد المتظاهرين السلميين”، داعية القاهرة “إلى ضمان حق المواطنين بالاحتجاج السلمي”. وقالت المنظمة في بيان لها إن “على السلطات المصرية أن تدرك أن العالم يراقب ويتخذ الخطوات الضرورية لتجنب تكرار الفظائع”، مطالبة “بالإفراج الفوري عمن تم اعتقالهم لمجرد ممارستهم حقوقهم”. وخرجت تظاهرات الجمعة استجابة لدعوات تم إطلاقها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ولا سيما من جانب رجل أعمال مصري في المنفى هو محمد علي. وقد نشر مقاول البناء هذا، مقاطع فيديو من إسبانيا تدعو إلى إطاحة السيسي. وكانت انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي سلسلة فيديوهات يتهم فيها محمد علي الرئيس والجيش المصريين بتبديد المال العام في مشروعات لا طائل منها وفي تشييد قصور رئاسية. وأكد محمد علي (45 عاما ) أن الجيش المصري مدين له بملايين الجنيهات مقابل مشروعات نفذتها شركة “أملاك للمقاولات” التي كان يملكها. ورغم أن علي لم يقدم أي دليل على مزاعمه حول تبديد النظام المصري لملايين الجنيهات من المال العام، إلا أن فيديوهاته شوهدت ملايين المرات ولاقت تفاعلات كثيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر. ونفى السيسي في مؤتمر عقد السبت الفائت، في القاهرة، الاتهامات بالفساد التي وجهها المقاول المصري إليه وإلى الجيش، مؤكدا أنه “شريف وأمين ومخلص”. وقال السيسي إن الاتهامات التي وجهها اليه علي “كذب وافتراء”، بدون أن يشير صراحة للمقاول. وأضاف نافيا ما أثير من اتهامات ضده وضد الجيش “ابنكم (السيسي) إن شاء الله شريف وأمين ومخلص”. وكان علي قال إنه سي واصل نشر مقاطع الفيديو حتى ترد عليه السلطات في شكل رسمي.