في سياق إعداده لمقترح التعديل الحكومي تنفيذا للتعليمات الملكية، حرص سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة،على عقد لقاءات مع زعماء أحزاب الأغلبية، “رأسا لرأس بدون مرافقين“. خلال هذه اللقاءات اقترح منهجية عمله،وطرح مبدئين الأول، هو تقليص عدد الحقائب الوزارية، ومراجعة هيكلة الحكومة، والثاني، اقتراح الكفاءات كما جاءفي الخطاب الملكي. لكن كل حزب من أحزاب الأغلبية تفاعل بطريقته الخاصة مع لقاء العثماني. حزب الحركةالشعبية، مثلا، سارع إلى فتح باب تلقي “السير الذاتية” للمرشحين لدى مقر الأمانة العامة بالرباط، مباشرة بعد عقدالأمانة العامة للحركة اجتماع برئاسة الأمين العام امحند العنصر، الأسبوع الماضي. وقدم العنصر لقيادة الحزبتفاصيل لقائه بالعثماني، معلنا عن تشكيل لجنة استشارية تعمل إلى جانبه، تضم كلا من رئيسي الفريقين بمجلسيالبرلمان، ورئيس المجلس الوطني سعيد أمسكان، وحليمة العسالي عن القطاع النسائي، إضافة إلى محمد حصاد(وزير الداخلية السابق). وحرص العنصر على أن يذكر قيادة حزبه، ومناضليه بالشروط التي وضعها الملك محمدالسادس في خطابه الذي دعا فيه إلى تعديل الحكومة، قارئا بعض مضامين الخطاب عليهم، وقال لهم، إن من الشروطالتي يجب احترامها، “الكفاءة العلمية والمهنية وإتقان اللغات، وانعدام السوابق العدلية، والسن“. لكن حسب مصدرمطلع، فقد أبلغ العنصر قيادة حزبه، بأنه “من المحتمل أن يتم استوزار شخصيات من خارج الحزب ممن لهمالكفاءة“. وعلمت “أخبار اليوم” أن طلبات الاستوزار بدأت تصل إلى الأمانة العامة، و“هناك من لم يحترم الشروط” التي حددها العنصر. وينتظر أن تجتمع اللجنة التي تم تعيينها قريبا للبت في الطلبات، بالموازاة مع اللقاءات المقبلة التي سيعقدها الأمين العام مع رئيس الحكومة. أما بالنسبة إلى حزب التقدم والاشتراكية، فقد سارع إلى عقد اجتماع لمكتبه السياسي يوم الثلاثاء الماضي 3 شتنبر، معلنا عن شروط سياسية لعمل الحكومة المقبلة، وجاء في بلاغ له أنه “بغض النظر عن التركيبة وعدد المناصبالوزارية وغيرها من المحددات التي لها أهميتها“، فإنه “لا مناص من أن تكون “الحكومة في صيغتها المقبلة، حكومةقادرة على التعاطي بشجاعة ومسؤولية مع الاختلالات والنقائص التي طبعت مسار الحكومة الحالية“. واعتبر الحزب أن الصيغة الجديدة للحكومة يجب أن تضخ “نفسا ديمقراطيا جديدا في الحياة السياسية الوطنية،قوامه إعادة الاعتبار إلى المكانة والأدوار التي يتعين أن يضطلع بها الفاعلون السياسيون“، بعيدا عن أي “تبخيس أوإضعاف أو تهميش يحول دون أن تؤدي الأحزاب السياسية رسالتها النبيلة في تأطير المواطنات والمواطنين“. وشدد المكتب السياسي على “ضرورة توفير الشروط التي تجعل من التعديل الحكومي المرتقب أحد المداخل الأساسلإحداث الطفرة التنموية والديمقراطية” داعيا إلى أن تشكل المرحلة المقبلة “انطلاقة جديدة لوطننا وشعبنا نحو آفاقأرحب من أجل المزيد من الدمقرطة والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية“. وشددت قيادة الحزب على أنها ستحتكم “لكل هذه المحددات في ما هو مقبل من مراحل المفاوضات مع السيد رئيسالحكومة، بخصوص التعديل الحكومي“. وعلمت “أخبار اليوم” من مصدر في الحزب، أنه لم يتم إطلاق أي مبادرة لجمع مقترحات الترشيحات للمناصبالوزارية، وأن الحزب ينتظر أولا، رد رئيس الحكومة بخصوص تصوره لبرنامج عمل الحكومة المقبلة “حتى لا يتم تغييرأسماء بأخرى بدون نتيجة“، لكن هذا لا ينفي تطلعات بعض الأسماء للاستوزار. أما بالنسبة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، فإن لقاء عقده المكتب السياسي الاثنين 2 شتنبر، أبلغ خلاله إدريسلشكر، الكاتب الأول، قيادة الحزب بمضمون لقائه بالعثماني، ومن القضايا التي تم التداول فيها، حسب قيادي فيالحزب: تقليص عدد الوزراء، وأيضا “عدد الأحزاب“، موضحا أن لشكر أبلغهم بأن العثماني يريد أحزابا أقل فيالحكومة، مشيرا على الخصوص إلى حزبي الاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية. وأضاف المصدر إلى أن مبدأالتقليص لا يهم فقط، كتابات الدولة، وإنما حتى بعض القطاعات الأخرى، مثل وزارة الثقافة والاتصال التي يجريالحديث عن حذفها، بعد تنصيب المجلس الوطني للصحافة، وتحويلها إلى مندوبية. ومن أبرز الأسئلة التي طرحتداخل الاتحاد الاشتراكي: ما هي الحقائب التي سيفقدها الحزب؟ وما هي الأسماء الجديدة المقترحة؟ وتوقع مصدرأن يحافظ الحزب على وزيري الجالية والإدارة العمومية، ويفقد منصب كاتبة الدولة رقية الدرهم. وتوقع المصدر جمعالقطاعات الاجتماعية في وزارة واحدة. ومن الأسماء التي تروج داخل الحزب للاستوزار، هناك إدريس خروز، وعبدالحميد الجماهري،وكمال الديساوي. من جهة أخرى، أفادت مصادر أن قادة الأحزاب تسعى إلى تفادي أي بلوكاج شبيه بما وقع بعد تعيين رئيس الحكومةالسابق عبدالإله بنكيران، بعد انتخابات 2016، لكن اللقاءات المقبلة للعثماني مع زعماء الأحزاب حول التعديل،والمشاورات مع الديوان الملكي ستكشف ما إذا كان النسخة الجديدة لحكومة العثماني ستخرج بسلاسة من عنقالزجاجة.