من المنتظر أن يعود البوليميك السياسي حول إلغاء عقوبة الإعدام خلال الدخول البرلماني المقبل. التسخينات الأولى ظهرت مع استعداد حزب الأصالة والمعاصرة للرفع من وتيرة النقاش حول هذه العقوبة السالبة للحياة لتطال مؤسسة الجيش المحصّنة، حيث تضمنت مسودة المقترح قانون إبعاد شبح الإعدام عن العسكر في 15 جريمة عسكرية جسيمة أهمها استبعاد إعدام المتآمرين في عرقلة ما يقرره الرئيس العسكري المسؤول، أو من يحرض الجنود على الهرب أو يمنع جنوده من تكتل صفوفهم أمام العدو، وبحسب مقترح حزب الجرار، فإنه سيكون محصنا ضد عقوبة الإعدام كل عسكري فر من الجيش المغربي إلى صفوف العدو. مقترح فريق وهبي اكتفى بتحويل عقوبة الإعدام التي كان منصوصا عليها في الفصل 144 من قانون القضاء العسكري إلى عقوبة المؤبد مع التجريد من الرتبة العسكرية. المقترح أسقط شبح الموت الذي كان يخيم على مخالفات العسكر أثناء زمن الحرب، حيث طالب بتعويض عقوبة الإعدام في حق كل من فر من الجندية أو تآمر أو تراجع أمام العدو أو ترأس مؤامرة الفرار من الجندية إلى الخارج، ليدعو إلى المعاقبة على ذلك بعقوبة السجن مدى الحياة مع تطبيق عقوبة التجريد من الرتبة العسكرية. الجريمة العسكرية الثالثة التي طالب البام بإسقاط عقوبة الإعدام عنها وتنفيذ عقوبة السجن المؤبد في حق مرتكبيها، هي تلك التي كانت واردة في الفصل 153 من القضاء العسكري والتي كانت تعاقب بالإعدام مع التجريد من الرتبة العسكرية، والمتعلقة بامتناع الجندي عن الامتثال إذا أعطي له الأمر بأن يزحف على العدو أو أي خدمة أخرى أمره رئيسه بالقيام بها أمام العدو. مبادرة منع عقوبة الإعدام مست حتى جريمة استعمال العنف ضد جندي جريح أو مريض قصد تجريده مما يملك، وهي الجريمة التي كان يعاقب عليها بالإعدام رميا بالرصاص، والتي يمكن أن يرتكبها كل شخص عسكريا كان أو مدنيا في منطقة عمليات قوة عسكرية بساحة الحرب. مبادرة حزب التراكتور رأت أن هذه الجريمة تستوجب المؤبد بدل الإعدام. إسقاط العقوبة السالبة للحياة وصلت وفق مسودة حزب الباكوري إلى العسكر الذين يتعمدون بأي وسيلة كانت إحراق أو تحطيم المباني والعمارات والسكك الحديدية، أو الأسلاك والمراكز التلغرافية والتليفونية، أو مراكز المناطيد والطائرات والسفن والمراكب والبواخر وجميع الأشياء العقارية التي يستعملها الجيش أو تساعد الدفاعَ الوطني. عقوبة الإعدام مطالبة أيضا بالإلغاء وفق المقترح البرلماني في حالة ترك الجندي، سواء كان حارسا أو رقيبا، مركزه أمام الثوار، وهي الجريمة التي كان يعاقب عليها وفق القانون الحالي بالاعتقال الفوري وتنفيذ عقوبة الإعدام. كما تمت حماية الجنود من الموت إذا ثبت أن عسكريا تعمد جعل نفسه غير صالح للخدمة العسكرية إما بكيفية مؤقتة وإما بكيفية مستمرة قصد التملص من واجباته العسكرية. الوثيقة ذاتها رفضت تطبيق عقوبة الإعدام لتعوضها بعقوبة السجن غير المحدد مع التجريد من الرتبة العسكرية على كل قائد أو «كموندو» عسكري أحيل على المحكمة بعد استشارة مجلس البحث وتبث استسلامه أمام العدو أو تسليم الموقع الذي كلف بالدفاع عنه دون استنفاد جميع وسائل الدفاع التي تكون رهن إشارته ومن دون أن يقوم بما كان يفرضه عليه الواجب والشرف. العقوبة الأشد في القانون الجنائي لن تطال، بحسب الباميّين، الجنودَ المحرضين ضد الجيش الملكي أو المقترح الذي من المنتظر أن يثير زوبعة كبيرة على شاكلة تلك التي خلفها قانون حصانة العسكر، والذي أبدى تسامحا مع كل جندي من القوات المسلحة الملكية أو مع الذين يُغرُون الجنود للالتحاق بصفوف العدو أو الثوار، أو الذين يسهلون الوسائل للقيام بالتجنيد لفائدة دولة أجنبية هي في حالة حرب مع المغرب، كما ألغى المقترح قتل من يتسرب إلى مدينة محصنة أو إلى مركز أو مؤسسة عسكرية أو محل الخدمات أو معسكرات، أو إلى مكان يرابط فيه الجنود ليحلل الوثائق أو المعلومات لفائدة العدو، مكتفيا بتحويلها للمؤبد مع التجريد من الرتبة العسكرية، وتجري نفس العقوبة أيضا على من عمل على إخفاء الجواسيس أو الخونة أو الأعداء الموجهين للاستطلاع.