بعد أن أُسقطت عنه النيابة العامة المتابعة بجناية “الاتجار في البشر” وأحيل على المحاكمة أمام ابتدائية مراكش بجنح تتعلق ب “الوساطة في الدعارة، وتحصيل مبالغ من نشاط مخالف للقانون، وإعداد محلات للدعارة”، اكتفت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بالمحكمة نفسها، مؤخرا، بإدانة شخص اعترف أمام فرقة الأخلاق العام بالمدينة بأنه يتزعم شبكة للدعارة الراقية تستغل أكثر من 100 فتاة مغربية لقوادتهن لسياح خليجيين، ب 10 أشهر حبسا نافذا وغرامة قدرها ألف درهم، بعد أن قرّرت عدم مؤاخذته بجنحة “إعداد محلات للدعارة”، ومؤاخذته من أجل باقي المنسوب إليه. كما قضت بمصادرة سيارته وهاتفيه النقالين لفائدة الأملاك المخزنية، ومصادرة مبلغ مالي كان بحوزته لحظة توقيفه لصالح الخزينة العامة، وإتلاف المخدرات المحجوزة لديه. مبحوث عنه من أجل “الاتجار بالبشر” الزعيم المفترض للشبكة الجديدة للدعارة الراقية يُدعى “رضوان .خ”، من مواليد 1978 بالصخيرات، ومعروف في أوساط الدعارة الراقية بالرباط ومراكش بلقب “رضوان XL”، وقد كان موضوع مذكرة بحث للاشتباه في ارتكابه لجناية “الاتجار في البشر” صدرت ضده، بتاريخ 10 مارس المنصرم، للاشتباه في تورطه في قضايا تتعلق بجريمة “الاتجار في البشر”، قبل أن يتم توقيفه بمدينة سلا، بتاريخ 7 ماي الفارط، على إثر ارتكابه مخالفة سير، لتُجرى له عملية تنقيط بواسطة الناظم الآلي، التابع للمديرية العامة للأمن الوطني، ويتبيّن بأنه مبحوث عنه على الصعيد الوطني في قضية تتعلق بالجناية المذكورة، ليتم ترحيله إلى مراكش، ويُحال على فرقة الأخلاق العامة بها، التي وضعته تحت الحراسة النظرية، على ذمة البحث القضائي التمهيدي، الذي خلص إلى ما مفاده أن “العناصر المكونة لجريمة الاتجار في البشير ثابتة في حقه، وذلك من خلال اعتياده على الاشتغال كوسيط دعارة (قواد) يستدرج الفتيات من كل الأعمار عن طريق الإغراءات المادية من أجل وضعهن رهن إشارة زبائنه الخليجيين لممارسة البغاء، مستغلا حاجتهن الماسة للمال، ومعتبرا إياهن كبضاعة وسلع معروضة للبيع، بدليل العبارات التي يطلقها عليهن من قبيل: “الطماطم، الصنادق…”، ناهيك عن ممارسة كل أنواع الضغط والعنف على ضحاياه من أجل احتكار استغلالهن وتكريس الإحساس لديهن بالاعتماد الكامل عليه في البحث عن الزبناء الخليجيين، سالبا منهن الإرادة لوقف ممارسة البغاء بوساطة منه، وهو النشاط الذي يتحصّل منه على النصيب الأكبر من الأرباح المادية، ضاربا عرض الحائط بسمعة البلاد، أو بالعقوبات الصادرة في حق باقي الوسطاء، الذين سبق تقديمهم أمام العدالة”. استنتاجات البحث التمهيدي استهلت فرقة الأخلاق العامة بمراكش استنتاجاتها بالإشارة إلى أن جناية الاتجار في البشر تبقى قائمة في حقه، بدليل اعترافاته التمهيدية الصريحة وتأكيده ما نُسب إليه من أفعال جرمية، وسوابقه القضائية العديدة في ميدان القوادة، والتي اعتبرتها الضابطة القضائية دليلا واضحا على إصراره على ارتكاب الأفعال الإجرامية نفسها إلى درجة الاحترافية، فضلا عن أدلة الإثبات المتمثلة في المحجوزات ومحادثاته مع عدد كبير من الفتيات عبر تطبيق الواتساب، واحتفاظه بهاتفه النقال بألبوم صور لفتيات لا تتجاوز أعمارهن سن العشرين وهنّ في أوضاع مخلة بالحياء. كما عززت الشرطة أدلتها بنتائج البحث المضمنة في المساطر الاستنادية، والاعترافات الصريحة والتلقائية التي تم الإدلاء بها ضده في المساطر المرجعية، خاصة تصريحات فتاة تسمى “ابتسام.ز”، التي أدلت للشرطة برقمه الذي ظل يستعمله حتى توقيفه، وتصريحات أحد الوسطاء في الدعارة الراقية، ويُدعى “محمد.م”، والملقب ب”السيمو الزعري”. وقد تقرّر إصدار مذكرة بحث في حق وسطاء آخرين كانوا يشتركون معه في تنظيم السهرات الجنسية، وتم وضع سيارته بالمحجز البلدي بسلا، قبل أن يتم تحرير برقية لأمنها من أجل الاحتفاظ بها تحت الحجز لتبقى رهن إشارة النيابة العامة وعدم تسليمها لأي طرف تنفيذا لتعليمات النائب الأول للوكيل العام بمراكش. كما تم حجز هاتفيه الذكيين، اللذين أخضعا لخبرة تقنية بشعبة تحليل الآثار الرقمية وتم إفراغ محتوياتهما في قرص مدمج، وحُجز مبلغ مالي قدره 5810 دراهم كان بحوزته، واعترف بأنه تحصّل عليه من نشاطه في الدعارة، وعلبة بها مجموعة من مفاتيح أبواب الفيلات التي يستقبل فيها زبناءه. إسقاط جناية “الاتجار بالبشر” بعد أن أجريت له مسطرة التقديم، بتاريخ 9 ماي الماضي، أمام أحد نواب الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، أسقطت عن المتهم جناية “الاتجار في البشر”، وأحيل، من أجل الاختصاص، على وكيل الملك بابتدائية المدينة، الذي استنطقه أحد نوابه، وأحاله، من جهته، على المحاكمة أمام الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بالمحكمة نفسها، مكيّفا الأفعال المتهم بارتكابها على أنها جنح “الوساطة في الدعارة، تحصيل مبالغ من نشاط مخالف للقانون، والمشاركة في إعداد محلات للدعارة”. من مياوم إلى وسيط دعارة صرّح الشخص الموقوف، أمام الضابطة القضائية، بأنه نشأ وسط أسرة متوسطة الحال، كان والده يعيلها من ترويج مخدر “الكيف”، وبعد أن توقف مساره الدراسي مبكرا، عند حدود السنوات الأولى من التعليم الإعدادي، زاول “رضوان” عدة مهن بسيطة بالرباط، قبل أن ينتقل إلى التعاطي لترويج الخمور والمخدرات، ثم أصبح يجلب الزبائن الخليجيين لشبكات متخصصة في الدعارة الراقية مقابل عمولة يتقاضاها عن كل زبون، واستمر على ذلك إلى أن استطاع تكوين شبكة واسعة من العلاقات مع السياح الخليجيين، معترفا بأنه أصبح يدير شبكة خاصة به يستغل فيها ما يفوق 100 فتاة في الدعارة الراقية، قال إنه يتواصل معهن عبر الواتساب، ويطلقن عليه لقب “عزيزي”. وتابع بأنه كان يكتري لزبنائه الخليجيين فيلات ويجلب لهن فتيات، وهو ما مكنه من مراكمة ثروة متوسطة، موضحا بأنه يتوفر على حساب بنكي يبلغ رصيده حوالي 42 مليون سنتيم، ويملك مقهى في الجماعة القروية “مرس الخير”، بضواحي تمارة، سجل ملكيتها باسم والده، ووحدات لتربية الدجاج بالجماعة نفسها مسجلة باسم شقيقه الأكبر. كما قال إنه وبعد أن استطاع توسيع “نشاطه” باع سيارته القديمة، من نوع “داسيا”، واقتنى أخرى جديدة بحوالي 27 مليون سنتيم، من نوع “هونداي توكسون”. بعد أن اشتدت الحملات الأمنية على الدعارة الراقية بالرباط، نقل “عزيزي” نشاطه إلى مراكش، التي قال إنه اكترى بها فيلا راقية بحي “تاركَة”، التي كان ينظم فيها ليالٍ ماجنة للسياح الخليجيين، مخصصا لهم الطابق تحت الأرضي للفيلا كعلبة ليلية، وموضحا بأنه كان يحصل على مبالغ مالية مهمة منهم ولا يسلم منها للفتيات المتعاملات معه سوى مبالغ لا تتجاوز في أحسن الأحوال 1000 درهم للفتاة التي مارست الجنس مع زبنائه، فيما لا ينفح سوى ب 700 درهم اللائي اكتفين منهن بالرقص خلال السهرات الصاخبة.
لغة مشفرة وأضاف رضوان، في تصريحاته التمهيدية، بأنه كان يستعمل لغة ورسائل مشفرة خلال مزاولته للوساطة في الدعارة لتفادي تعقبه من طرف المصالح الأمنية، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أنه كان يستعمل كلمات من قبيل “واش هاز معاك مطيشة؟”، “شحال ديال الصنادق جايب؟”، “أنا غادي نجيب بناتي من المدرسة”، كناية على فتيات الليل اللواتي يجلبهن لزبائنه الخليجيين لممارسة الدعارة، أو استعمال المصطلح الدارج “لبْلان” للإشارة إلى سهرات الدعارة الراقية. كما كشف التفريغ الذي قامت به الشرطة لمحتويات هاتفيه عن رسائل نصية وصوتية تبادلها مع فتيات كن تستجديه من أجل إشراكهن في إحدى السهرات الماجنة التي ينظمها لزبنائه الخليجيين، كحالة “سكينة” التي وجهت إليه رسالة صوتية تقول له فيها:” دير فيا الأجر فهاذ العواشر.. دبّر ليا فشي بلان.. إلا نقصاك شي بنت دخلني فبلاصتها.. تفكرني أرضوان”، وفتاة أخرى أرسلت له، بتاريخ 19 أبريل المنصرم، صورها وهي ترتدي ملابس تظهر مفاتنها، قبل أن توجه إليه رسالة صوتية قالت فيها: “صباح الخير عزيزي.. كَلتي ليا عيطي عليا باش إلى كانت شي حاجة تكَولها ليا.. يا اله أسيدي كنت كتكَول ليا غليظة هاني ضعافيت”. وصرّح بأنه كان يتوفر على ألبوم يحتوي على صور الفتيات ليعرضهن على زبنائه، الذين ينقل إليهم حوالي 10 فتيات في كل رحلة يكدسهن داخل سيارته باتجاه فيلات معدة للدعارة الراقية، وهناك تجري علميات الانتقاء، أو ما يُعرف في أوساط الدعارة الراقية ب “العزلة”، حيث يختار كل زبون فتاة أو أكثر لممارسة الجنس والسهر معه، فيما تُستبعد اللائي لم يتم اختيارهن، ويُطلب منهن مغادرة مكان السمر، بعد أن يتقاضى رضوان بين 200 و400 درهم عن كل فتاة مستبعدة “ريفولي”، وهو المبلغ الذي لا يسلمها منه سوى 100 درهم، معترفا بأنه كان يمارس ضغوطا رهيبة على الفتيات العاملات معه لمنعهن من الاشتغال مع قواد آخر، وهي الضغوط التي قال إنها تصل إلى التعنيف و الاغتصاب.