حددت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش يوم الثلاثاء 26 فبراير الجاري، تاريخا للجلسة المقبلة من محاكمة شبكة مختصة في “الاستعباد الجنسي لفتيات مغربيات وقوادتهن لسياح خليجيين”، وهي الجلسة التي من المقرّر أن تشرع خلالها المحكمة في مناقشة هذا الملف المثير، الذي يتابع فيه ثلاثة أشخاص، في حالة اعتقال، بجناية “الاتجار في البشر”، على خلفية اتهامهم بتكوين الشبكة التي تم تفكيكها إثر مداهمة أمنية، مساء الثامن من شتنبر الماضي، لفيلا كبيرة تحمل الاسم التجاري “دار السور”، والواقعة بمنطقة “النخيل” السياحية، بضواحي المدينة، وهي العملية التي أسفرت عن توقيف 49 شخصا، بينهم 12 سائحا خليجيا من عيار ثقيل، يتقدمهم المطرب الإماراتي، عيضة المنهالي، والذين ضُبطوا وهم يستعدون لإحياء ليلة ماجنة بالفيلا الراقية، التي كانوا يقيمون فيها مقابل إيجار لا يقل عن 22 ألف درهم لليوم الواحد، مع 32 فتاة مغربية، يتابعن، في حالة سراح، بتهمة “الفساد”. كما يتابع، في الملف نفسه، مسير الفيلا وسائق سيارة أجرة، في حالة سراح، بتهمة “تسهيل البغاء، والوساطة في الدعارة”، واللذان أخلي سبيلهما بعد أدائهما كفالة مالية قدرها مليون سنتيم لكل واحد منهما. الجلسة الأخيرة، التي انعقدت الثلاثاء الماضي، تم تأخيرها لسببين:الأول متعلق بغياب بعض المحامين الذين يؤازرون مجموعة المتهمين، الذين طالبتهم المحكمة بإخبار محاميهم بضرورة الحضور للجلسة القادمة، أما السبب الثاني فمن أجل استدعاء المتهمين المتابعين في حالة سراح، غير أن هذا الإجراء الأخير إذا كان متاحا بالنسبة للمتهمين المغاربة، فإنه يصعب تفعيله في حق “السياح” الخليجيين، الذين أخلي سبيلهم بمجرد الاستماع إليهم من طرف فرقة الأخلاق العامة، وتم الاكتفاء بتقديمهم، في حالة سراح، أمام النيابة العامة، قبل أن يغادروا المغرب باتجاه بلدانهم، دون أن تُتخذ أي إجراءات تحفظية في حقهم، من قبيل سحب جوازات سفرهم، لمنعهم من مغادرة التراب الوطني وضمان مثولهم أمام القضاء المغربي، فيما الفتيات اللائي خلص البحث القضائي التمهيدي إلى وصفهن ب “الضحايا اللواتي تعرّضن لسلب الإرادة وإهدار الكرامة”، قرّرت النيابة العامة وضعهن تحت الحراسة النظرية، لمدة يومين، بل وعمدت إلى تمديدها ل24 ساعة إضافية، بقين خلالها رهن الاعتقال الاحتياطي في مخافر مقر ولاية الأمن. شخص آخر يظل، أيضا، بمنأى عن المتابعة القضائية في هذا الملف، وهو صاحب الفيلا الراقية، الواقعة خلف دوار “التونسي”، على مستوى الطريق المؤدية إلى مدينة فاس، والمكونة من 11 جناحا وثلاثة مسابح وحانة، وعلبة ليلية، والتي صرّح مسيرها “عبد الكبير.ت”، خلال البحث التمهيدي، بأنه يتولى تسييرها منذ حوالي ثلاثة أشهر قبل المداهمة الأمنية، معترفا بأن “دار السور” تستقبل زبناء أجانب، ينحدر معظمهم من الخليج، يقيمون فيها سهرات يمارسون فيها الفساد مع فتيات يجلبنهن بعض الوسطاء في الدعارة، وعند مواجهته ببطاقات تعريف وطنية عاينها الأمن بمكتب الاستقبال بالفيلا، ردّ بشكل تلقائي بأنها تعود لفتيات يتعاطين للدعارة قال إنهن يتواجدن وقتئذ بعلبة ليلية واسعة بالطابق تحت الأرضي للفيلا، مجهزة بحائط كاتم للصوت، ومعدات موسيقية، ومكبرات للصوت، فضلا عن أرائك وطاولات ومشرب (كونتوار)، والتي أوقف الأمن بداخلها فتيات يرتدين لباسا مثيرا يُظهر مفاتنهن، ويضعن الكثير من مساحيق التجميل على وجوههن. أما المتابعون في حالة اعتقال، فيوجد على رأسهم المتهم “ياسين.ف” (40 سنة)، وهو من مواليد جماعة “بوسدرة سيدي العابد”، بإقليم تاونات، وكان موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني من أجل جناية “الاتجار في البشر”، كما سبق له أن حكم عليه بعقوبة سالبة للحرية لإدانته بهتك عرض قاصر. المتهم الثاني يُدعى “محمد.ف” (42 سنة)، وينحدر من القنيطرة، وقد انتقل، قبلا سنوات، إلى مراكش بحثا عن العمل، قبل أن يلتقي بإحدى علبها الليلية مع قواد، يُدعى “يوسف البرهوش”، الذي عرض عليه العمل في نقل الفتيات إلى فيلات معدة للدعارة الراقية مقابل عمولة عن كل عملية. الشخص الثالث المتابع، في حالة اعتقال، ليس سوى “عبد الكريم.ص” (37 سنة)، المنحدر من مراكش، التي يعمل بها منذ تسع سنوات سائقا لسيارة أجرة كبيرة، والذي صرّح، أمام فرقة الأخلاق العامة، بأنه، ومع انتعاشة القطاع السياحي بالمدينة، حذا حذو بعض سائقي سيارات الأجرة، الذين ينقلون ممتهنات الدعارة من منازلهن إلى صالونات الحلاقة ومنها إلى العلب الليلية، قبل أن ينتقل إلى ممارسة القوادة، حيث أصبح معروفا بلقب “كريم”، ينقل الفتيات إلى فيلات الدعارة الراقية مقابل عمولة تتراوح بين 200 و500 درهم للفتاة الواحدة، كما يتسلم من السياح الخليجيين مبالغ تتراوح بين 500 و800 درهم عن كل واحدة منهن.