رياح التعيينات والتوافقات حول المناصب الكبيرة في الاتحاد الأوروبي بحر هذا الأسبوع، جاءت بما تشتهيه سفن الدبلوماسية المغربية، إذ رغم أن النتائج المتباينة للانتخابات الأوروبية، يوم 26 ماي الماضي، قطعت مع الثنائية القطبية بين الحزبين الشعبي والاشتراكي، إلا أن الحزبين حافظا على المناصب الكبرى بدعم من الحزب الليبرالي الأوروبي بقيادة الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون. وخرج المغرب، ضمنيا، منتصرا من المفاوضات بين القادة الأوربيين بعد تعيين صديقه وزير الخارجية الإسباني الحالي، جوزيف بوريل، في منصب الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، خلفا للإيطالية فيديريكا موغيريني، وبتعيين، كذلك، وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لايين، رئيسة للمفوضية الأوروبية، وبتعيين بدعم فرنسي المديرة الحالية لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، على رأس البنك المركزي الأوروبي، إلى جانب انتخاب الإيطالي الاشتراكي الديموقراطي، ديفيد ساسولي، رئيسا للبرلمان الأوربي، والليبرالي البلجيكي تشارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي. كل هذا من شأنه أن يحافظ على العلاقات الجيدة بين بروكسيل والرباط في السنوات الخمس المقبلة. الباحث المغربي المتخصص في الشأن الأوروبي والإسباني، عبد الحميد البجوقي، أوضح ل”أخبار اليوم” قائلا: “كما كان منتظرا، انتهت المفاوضات بين رؤساء دول الاتحاد بالتوافق على توزيع الحقائب الأربع بين الفريق الشعبي الأوروبي والفريق الاشتراكي التقدمي والفريق الليبرالي، واستطاع الفريق الشعبي بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل أن يحافظ على منصب رئاسة المفوضية الذي كان من نصيب الألمانية أورسولا فون دير لين، بينما حصلت إسبانيا على منصب المندوب السامي للخارجية الأوروبية الذي كان من نصيب وزير الخارجية الحالي جوزيف بوريل، وفازت الفرنسية كريستين لاغارد برئاسة البنك المركزي الأوروبي”، وأشرح أن المفاوضات استمرت ثلاثة أيام وأكدت صلابة الحلف الألماني الفرنسي، وحصول الإسباني جوزيف بوريل على حقيبة الخارجية ونيابة رئيس المفوضية لأول مرة بعد 15 سنة، أعادت إسبانيا إلى مربع القرار في الاتحاد الأوروبي (ما يعرف بمحور باريسبرلين). ويعتبر بوريل صديقا للمغرب، إذ منذ تعيينه قبل سنة وزيرا للخارجية الإسبانية، زار المغرب في مناسبات، كما دافع بقوة عن ضرورة رفع الدعم المادي للمغرب لمواجهة تحديات الهجرة السرية. ويرى البجوقي أن بوريل يحتفظ بعلاقات خاصة مع المغرب، ويعتبر من المدافعين عن علاقات متميزة مع الجار الجنوبي وعن استقرار العلاقات بين البلدين. كما يُنتظر أن “يكون لشخصية جوزيف بوريل وزن وثقل خاصان في تصريف مهام الخارجية الأوروبية، خصوصا وأن الرجل يتمتع بكاريزما قوية وبتجربة وحنكة مشهودة، راكمها منذ تحمله لوزارة الأشغال العمومية في حكومة فيليبي غونصاليز الأولى ومرورا برئاسته للبرلمان الأوروبي، ويتوافق تنصيبه مع مرحلة دقيقة من تاريخ الاتحاد، سواء على المستوى الداخلي بسبب أزمة البريكسيت البريطاني، واحتمالات أن تغادر بريطانيا الاتحاد دون اتفاق، أو على المستوى الخارجي بعد انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، والحرب التجارية التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب على الصين، وأزمة اللاجئين والمهاجرين”. بدوره، قال حسين المجدوبي، الإعلامي المغربي المتخصص في الشأن الإسباني والأوروبي، إن “بوريل يمتلك حساسية خاصة تجاه الهجرة، وينادي بضرورة التعاون مع الجنوب، وخاصة شمال إفريقيا وعلى رأسها المغرب، ومعالجة الظاهرة بعيداً عن المنطق الأمني”، مشيرا إلى أنه “يعتبر من المدافعين على علاقات مغربية-جزائرية أو تكامل مغاربي، يبدأ بتغليب التعاون الاقتصادي وخلق مصالح مشتركة تكون مقدمة لحل نزاع الصحراء”.