يُجري قاضي التحقيق باستئنافية مراكش أبحاثا قضائية في شأن خلاف مروري وقع، مؤخرا، بين مواطن مغربي وسائح خليجي، وانتهى بجريمة قتل مروعة في الشارع العام بالمدينة نفسها. وقد استُهلّ التحقيق الإعدادي بالاستنطاق الابتدائي للمتهم الرئيس في الملف، وهو مواطن سعودي، أشارت بعض المصادر إلى أن والده ينتمي للسلك الدبلوماسي لبلده، إلى جانب فتاتين مغريتين متهمتيهن بالدعارة، كانتا برفقته بسيارة مكتراة لحظة قيامه بسحل مواطن مغربي غير بعيد عن محطة القطار بحي «كَليز». الاستنطاق الابتدائي للمتهمين الثلاثة سبقته مسطرة التقديم التي أجرتها لهم الشرطة القضائية، في حالة اعتقال، أمام أحد نواب الوكيل العام بالمدينة، الذي استمع إليهم، قبل أن يحيلهم على قاضي التحقيق ملتمسا منه إجراء أبحاث قضائية في شأن الاشتباه بارتكاب المتهم الرئيس لجناية «القتل العمد» ولجنح «السكر العلني البين مع إثارة الضوضاء في الشارع العام، واستهلاك المخدرات، والسياقة تحت تأثير الكحول ومواد مخدرة»، فيما يشتبه في اقتراف الفتاتين، اللتين تقول مصادرنا إن إحداهما متزوجة، لجنحتي «الفساد والخيانة الزوجية»، مع إبقائهم جميعا تحت الاعتقال الاحتياطي المعلل بخطورة الأفعال المرتكبة، وهو الملتمس الذي أيّده قاضي التحقيق، الذي حرّر أمرا مكتوبا، مباشرة بعد الانتهاء من جلسة الاستنطاق الأولى، بإيداعهم سجن «الأوداية»، بضواحي المدينة، على ذمة التحقيق الإعدادي. وتعود وقائع القضية إلى عطلة عيد الفطر الأخير، فبعد أن انتهى السائح الخليجي من قضاء سهرة صاخبة برفقة الفتاتين المذكورتين بإحدى العلب الليلية بالحي الشتوي، وقع له خلاف مروري مع مواطن مغربي، وهو في طريق العودة للفندق الذي يقيم فيه بحي «السملالية»، قبل أن يتطور الحادث البسيط إلى تبادل للسباب، واستنادا إلى مصادرنا، فقد وجّه السائح السعودي، بسبب الحالة من السكر والتخدير المتقدم التي كان عليها، سيلا من الشتائم البذيئة والحاطة من الكرامة للمواطن المغربي، الذي لم يجد بدّا من اللجوء لأحد أقاربه ليشد به عضده في مواجهة السائح الثمل، ولم يكن القريب في الواقع سوى خاله، المنحدر من مكناس والذي كان يمضي عطلة العيد بالمدينة الحمراء، التي كان يجلس وقتئذ في إحدى مقاهيها غير بعيدة عن موقع النزاع المروري. لم يتأخر القريب، بعد الاتصال الهاتفي لابن شقيقته، وحلّ على وجه السرعة بملتقى شارعي محمد السادس والحسن الثاني، غير أن السائح الخليجي وما إن لمح الشخص الثاني يترجل من سيارته قادما باتجاهه، حتى انطلق بسرعة كبيرة صوبه ودهسه بسيارته، من نوع «كليو»، وسحله لأمتار عديدة، قبل أن ينعرج يمينا ويرمي به ليصطدم بقوة بالرصيف، وهو ما تسبب في مصرعه بعد تعرضه لنزيف داخلي إثر إصابة خطيرة على مستوى الرأس. ومباشره بعد ارتكابه لجريمة القتل في الشارع العام، لاذ السائح السعودي بالفرار في اتجاه الفندق الذي يقيم فيه، فيما حاول ابن شقيقة الضحية اللحاق به بالسيارة، لكنه لم يتمكن من ذلك، قبل أن تتدخل المصالح الأمنية، التي استمعت إلى إفادة شهود العيان، وعاينت تسجيلات كاميرات المراقبة المثبتة بموقع الجريمة، لتتمكن من تحديد رقم اللوحة المعدنية لسيارة المشتبه في ارتكابها، ولم يمض وقت طويل حتى تم التعرف على هوية مكتريها من إحدى وكالات كراء السيارات، وقد حُدّد الموقع الذي كانت مركونة فيه بموقف السيارات المحاذي للفندق الكائن بحي «السملالية»، باستقراء نظام تحديد التموقع بالأقمار الاصطناعي، ليتم ربط الاتصال بالنيابة العامة المختصة، التي أمرت الشرطة بالانتقال إلى الفندق لتوقيف السائح السعودي، الذي حجز الأمن لديه كمية من المخدرات، عبارة عن لفافات كوكايين وماريجوانا وأقراص هلوسة من نوع الإكستازي، ليتم اقتياده إلى مقر المصلحة الولائية للشرطة القضائية، حيث جرى الاستماع الأولي إليه، وتقرر وضعه تحت الحراسة النظرية، في انتظار استكمال البحث القضائي التمهيدي، كما تم توقيف الفتاتين اللتين كانتا معه، ساعات قليلة بعد ذلك. وتعيد هذه القضية إلى الأذهان جريمة سحل أخرى لا تقل بشاعة عنها، وقعت، بتاريخ الاثنين 14 مارس من 2016، حين قام مهاجر مغربي بسحل موسيقي شاب حتى الموت بشارع عبد الكريم الخطابي، بعد نزاع بينهما بمقهى مشهورة بتقديم النرجيلة (الشيشة) مجاورة لكلية العلوم والتقنيات، وقد أدين فيها المتهم بعشر سنوات نافذة.