مضت ثلاث سنوات على صدور فيلم «مسافة ميل بحذائي»، الذي تفوق في المغرب وخارجه وحصد أكبر الجوائز، وحصد معه سعيد خلاف، مخرجه المغربي، الذي بدأ مساره الفني بالمسرح، شهرة ومصداقية في الوسط الفني المغربي والعربي. وانطلق بعدها المخرج ليوقع أعمالا تلفزية ما بين مسلسلات وأفلام. بعد هذا الفيلم الذي مثل المغرب حين خروجه في ترشيحات أوسكار أفضل فيلم أجنبي، يعود اليوم سعيد خلاف، المقيم بين المغرب وكندا، بعمل سينمائي جديد يحمل عنوان «التائهون» أنهى جل مراحله، التي تلي مرحلة التصوير، حسب ما صرح به سعيد خلاف في لقاء مع «أخبار اليوم». ويندرج «التائهون»، الفيلم الذي كتب له السيناريو محمد نجدي، واستغرق تعديل كتابته مدة سنة ونصف السنة بالتعاون مع المخرج، في خانة الدراما، ويقدم تراجيديا تحكي قصة شاب من طبقة مخملية تنقلب حياته رأسا على عقب بعد حادث خطير، على حد تعبير المخرج خلاف في حواره مع الجريدة. في هذا الفيلم «حاولت وضع نقط تشابه بين طبقتين غير قابلتين أساسا للمقارنة»، يقول سعيد خلاف، الذي يرى في العمل فكرة جديدة اقترحها عليه بداية كاتب السيناريو، قبل أن يطلب منه أن يكتب نسخة أولية منه، جرى تعديلها لاحقا عبر مراحل. ويضيف خلاف: «كنت محظوظا بالحصول على دعم المركز السينمائي، وحضرت إقامة في الكتابة السينمائية أقيمت تحت إشرافه، حظيت خلالها بتأطير أربعة خبراء من دول مختلفة، واستفدت منهم في تطوير وتعديل بعض ملامح السيناريو الذي تحول إلى نسخة مختلفة نسبيا، وهي النسخة التي جرى تصويرها بموافقة المركز السينمائي المغربي». وحول ما إن كان المخرج السينمائي والتلفزيوني سعيد خلاف قد اعتمد في فيلمه الجديد «التائهون» أسلوبا مشابها أو مقاربا لأسلوبه في فيلم «مسافة ميل بحذائي»، أكد أن الفيلم مغاير تماما في كل تفاصيله، واعتبر أن الإخراج هو أن تعرف كيف تحكي حكاية بالصورة، موضحا أنه: «يجب على المخرج ألا يقول إن لدي أسلوبا خاصا في الإخراج، لأن ذلك يمس بمفهوم وماهية الإخراج، التي هي كيف تحكي حكاية، وعليه، فإنني لا أتبنى أسلوبا أو طريقة إخراجية وظفت في عمل سابق ونجح، فقط لأنه نجح، ذلك أن الحكاية هي التي توحي إليك بأسلوب معالجتها وتقديمها بالصورة، وذلك تبعا للإحساس الذي يسترشد به المبدع وهو يفكر في الإنجاز». ويسعى الفيلم، حسب سعيد خلاف، «إلى رسم لوحة ذات بعد قاسٍ، تعكس مدى معاناة الأنثى في مجتمع ذي عقلية ذكورية، إلى حد ما، وعدم تسامحه وغفرانه لماضيها، حتى وإن لم تكن لها يد في نسج خيوطه، وفي المقابل، يتعامل مع الرجل بتسامح كبير، بل ويجعله أحيانا بطلا إلى الحد الذي يجعل الرجل يفتخر بهذا الماضي، من هنا جاء الفيلم ليرسخ ثقافة التسامح والغفران للرجل والمرأة، لأن كليهما يوجد في خانة الإنسان، والإنسان هو الثروة الحقيقية لأي مجتمع». الفيلم من بطولة عبد النبي البنيوي (دور رجالي أول)، نسرين الراضي (دور نسائي أول)، رانيا التاقي، عبد الصمد محيي الدين، حميد ندير، عبد السلام بوحسيني، فايزة إدريسي، وفاتي جمالي. وأشرف على إدارة التصوير فاضل شويكة. ويحكي فيلم «التائهون» بصيغة درامية قصة الشاب مراد الذي ينحدر من أسرة غنية، ويتعرض لحادثة سير خطيرة، ستغير منظوره للحياة، ويبدأ في رحلة بحث عن فتاة ليل، سبق أن طردها من قبل بعدما علم بأنها حامل منه، ليدخل في صراع، من جهة، مع عائلته لتقبل هذا الأمر، ومن جهة أخزى، مع غزلان التي لا تفهم تصرفاته.