مع اقتراب فصل الصيف، حيث يكثر الطلب على الماء، عاد الجدل من جديد لأزمة العطش والتي أخرجت الصيف الماضي سكان المناطق النائية إلى الشارع للاحتجاج على ندرة مياه الشرب، خصوصا بأقاليم وزانوتاونات وصفرو وزاكورة وفجيج ووجدة، فيما اختار هذه السنة نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي بإقليمي تاونات وزاكورة، إطلاق “هاشتاغ” و”تدوينات” نشروها نهاية الأسبوع الماضي على نطاق واسع، تحذر من شبح العطش الذي بات يهدد السكان قبل حلول الصيف، وذلك بسبب النقص في الموارد المائية، خاصة بالمناطق القروية والجبلية بالإقليمين، والتي تعتمد على مصادر مائية تتسم بالهشاشة، في مقابل تأخر ومحدودية تدخل الجهات المعنية بالماء، وعلى رأسها وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء والمكتب الوطني للماء والكهرباء، كما جاء في “تدوينات” المحذرين من أزمة العطش بإقليمي تاونات وزاكورة. بإقليم تاونات، واستنادا للمعلومات التي حصلت عليها “أخبار اليوم”، طالب سكان قرية “مكانسة”، إحدى أكبر قرى الإقليم والتي تضم تجمعا سكانيا كبيرا بدائرة “قرية با محمد” التابعة لإقليم تاونات، (طالبوا) في شكاية وجهوها لعامل الإقليم المعين الصيف الماضي، صالح دحى، بمعالجة شح مياه الشرب بالمنطقة، والتي نتجت عنها قبل حلول الصيف انقطاعات متكررة للماء عن منازلهم، كما اشتكى السكان من توقف أشغال سد الوحدة، وغياب الشركة المكلفة بصيانته، وهو المشروع الذي عول عليه السكان للتخفيف من أزمة المياه بمنطقتهم، ونفس الصورة من المعاناة مع مياه الشرب، كشف عنها سكان عدد من الدواوير بنفس الإقليم، منها دواوير “امساسة” التابعة ترابيا لدائرة “تيسة”، وجيرانهم بدائرة غفساي، خصوصا دواوير كيسان وتافرانت، حيث طالبوا هم أيضا بحل معاناتهم مع أزمة العطش. وكشف الغاضبون من أزمة العطش بإقليم تاونات، عبر “هاشتاغ”، و”تدوينات” بمواقع التواصل الاجتماعي تحذر من النقص الحاد في مياه الشرب والسقي، (كشفوا) عن لائحة المشاريع المتعثرة بالإقليم والتي تخص تزويد السكان بالماء الشروب، ذكروا منها مشاريع أطلقها الملك سنة 2010 لكنها لم تكتمل، منها مشروع تزويد غفساي والجماعات المجاورة لها بالماء الشروب انطلاقا من حقينة سد الوحدة، ونفس المصير انتهى إليه مشروع آخر يهم خمس جماعات (سيد المخفي وتيمزيانة وكلاز ووردزاك ومضراوة)، والتي بدأت فيها أشغال جلب الماء الصالح للشرب منذ سنة 2007، بحسب ما سبق وأن صرح به ل”أخبار اليوم” البرلماني بفريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب وممثل دائرة القرية/غفساي بإقليم تاونات، محمد حجيرة. من جهته، قال مصدر قريب من الموضوع للجريدة، إنه وفي مقابل المشاريع المتعثرة لحل أزمة العطش ومياه السقي بإقليم تاونات، ينتظر السكان إخراج مجموعة من المشاريع الجديدة حديثة البرمجة، منها مشروع بناء سد “أولاي” بجماعة الرتبة، والتي يدبر شؤونها المحلية رفاق شرفات أفيلال، كاتبة الدولة المعفية من مهامها صيف 2018، حيث سبق لأفيلال أن أعلنت ضمن خطة عمل وزارة عبد القادر عمارة ل2017/2021، عن تشييد سد جماعة الرتبة، وهو من فئة السدود المتوسطة تعول عليه الوزارة لحل مشكل مياه السقي لمشاريع فلاحية بديلة، سبق أن أطلقتها الدولة ضمن برامجها لمحاربة زراعة القنب الهندي. وبإقليم زاكورة، والذي سبق لوزارة عبد القادر عمارة، أن قالت عنه إنها صرفت الملايير من الدراهم بالإقليم لتوفير المياه في شقها الآني والمستعجل، يشتكي السكان من ندرة مياه الشرب، والتي ربطوها باستنزاف الموارد المائية الباطنية، من قبل ضيعات البطيخ الأحمر، والذي باتت المنطقة تشتهر به، وهو ما دفع “جمعية أصدقاء البيئة “بزاكورة، بحسب بلاغ صادر عن الجمعية، الى دق ناقوس خطر العطش الذي يهدد سكان الإقليم. وفي هذا السياق، قال جمال أقشباب، رئيس “جمعية أصدقاء البيئة” بزاكورة، في تصريح عممه منتصف الأسبوع الفائت على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، إن “زراعة البطيخ الأحمر، والتي وصفها بالدخيلة على المنطقة والمستنزفة لمياهها الباطنية، تعد، كما قال، من أبرز التحديات الكبرى التي تواجه واحات زاكورة ومناطق الجنوب الشرقي بصفة عامة”، مشددا على أن “هذه السنة امتدت ضيعات زراعة البطيخ الأحمر، لتشمل أزيد من 20 ألف هكتار من المساحات الزراعية بواحات زاكورة، مما يعني بحسب ذات الفاعل الجمعوي، ضياع أكثر من 15 مليون متر مكعب من الموارد المائية الباطنية”. يذكر أن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، سبق له بالجلسة الشهرية بمجلس النواب، الصيف الماضي، أن اشتكى هو أيضا من خطر ندرة المياه بالمغرب، مستندا في ذلك إلى دراسات أظهرت بأن حصة الفرد المغربي من الماء تقل سنة بعد أخرى، بعدما كان المواطن المغربي يحصل خلال سنة 1980 على 2500 متر مكعب من الماء، تراجعت هذه الحصة سنة ألفين، أي في ظرف عشرين سنة إلى 1010 متر مكعب للفرد، فيما واصلت هذه الكمية بحسب العثماني نزولها الى 720 مترا مكعبا مع آخر دراسة أنجزت في سنة 2013، حيث قدم رئيس الحكومة الصيف الماضي أمام مجلس النواب، خطة حكومته لمعالجة أزمة مياه الشرب بالمغرب، والرفع من ناتجه المحلي الإجمالي في أفق 2030.