تعكس مغامرات آلاف الشباب المغاربة والجزائريين بحيواتهم، من أجل ركوب “مقبرة المتوسط”، لمعانقة الفردوس الأوروبي، الأزمات لاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المغرب والجزائر. وعلى عكس المغرب، كان لهذا الوَاقِع وَقْع شديد على الجارة الشرقية، إذ “عرّى ضعف النظام”، وولّد “غضبا شديدا في مجتمع جزائري يفرض التغيير”. هذا ما كشفه تحقيق حديث لصحيفة “إلباييس” الإسبانية، مستندا على إحصائيات وأرقام الاتحاد الأوروبي والحكومة الإسبانية بخصوص أعداد المهاجرين غير النظاميين الخارجين في العقد الأخيرة من المغرب والجزائر، بحثا عن مستقبل أفضل. ورغم أن حدة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اشتدت في الجزائر في السنوات الأخيرة بسبب تراجع أسعار البترول في السوق الدولية وهيمنة حاشية الرئيس المستقيل، عبدالعزيز بوتفليقة، على الحكم؛ إلا أن أعداد المهاجرين الجزائريين السريين الواصلين إلى أوروبا منذ 2009 أقل من نظرائهم المغاربة. وفي هذا يقول التحقيق: “عدد المهاجرين السريين الخارجين من الجزائر، رغم ارتفاعه منذ سنوات، يبقى أقل من الخارجين من المغرب، إذ إنه فقط في السنوات الأربع الأخيرة وصل 44384 حرّاكا مغربيا إلى أوروبا، بينما سجل في العقد الأخير وصول 58441 حراكا مغربيا إلى أوروبا مقابل 51483 جزائريا”، وفق أرقام الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وعلى غرار المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أرجع التحقيق ارتفاع عدد المغاربة مقارنة مع الجزائريين إلى القرب الجغرافي للمغرب من إسبانيا، وفي هذا الصدد جاء في التحقيق: “صحيح، أيضا، أن عامل قصر مدة الرحلة وضعف احتمال الموت غرقا بين سواحل طنجة وطريفة (14 كلم) مقارنة بسواحل وهران والمرية (215 كلم) يبقى ضعيفا”. وفي الوقت الذي بدأت فيه الهجرة السرية المغربية صوب أوروبا سنة 1988، كشف التحقيق أن الجرائر لم تشهد هروب الشباب في قوارب الموت حتى إبان الحرب الأهلية؛ إذ يعتقد أن الظاهرة بدأت بالجزائر في منتصف العقد الماضي، هكذا تورد أرقام “فرونتيكس” بالتفصيل، إذ إن أكبر رقم سُجل في الجزائر كان سنة 2010 بهروب 8763 حرّاكا نحو أوروبا، ثم انخفضت الأرقام في السنوات الموالية لتصل إلى 973 حرّاكا سنة 2014، قبل أن تعود الظاهرة إلى الواجهة سنة 2015 ب3331 حرّاكا جزائريا، و5140 حراكا سنة 2016، و1443 حرّاكا سنة 2017، و6411 حرّاكا سنة 2018. هذا، علما أن 676666 مهاجرا يقيمون قانونيا في أوروبا. على صعيد متصل، عرج التحقيق على ظاهرة التعبير على الاحتقان الاجتماعي في المغرب والجزائر من داخل ملاعب كرة القدم على لسان المشجعين، وبيّن ذلك قائلا: “إن ظاهرة الفيديوهات ظهرت، أيضا، في المغرب، حيث لقيت الطالبة حياة بلقاسم، 19 عاما، حتفها في شتنبر الماضي، برصاصات عناصر البحرية الملكية في شاطئ قريب من تطوان، عندما كانت تحاول الهجرة إلى أوروبا”. 6 أرقام عامة محينة آخر الأرقام الإسبانية التي أوردتها وكالة الأنباء “أوروبا بريس”، نقلا عن وزارة الداخلية الإسبانية، كشفت وصول 6150 مهاجرا غير نظامي إلى الجنوب الإسباني على متن 212 من قوارب الموت خلال الشهور الأولى من السنة الجارية، أي بمعدل ارتفاع قدره 58 في المائة مقارنة مع عدد الواصلين ال4378 إليه خلال الفترة نفسها من السنة الماضية. الأرقام ذاتها أوضحت أن أكبر تدفقات الهجرة السرية إلى الجارة الشمالية سجلت خلال شهر يناير الماضي وصول نحو 4010 مهاجرين سريين بحرا؛ فيما سجل خلال شهر فبراير وصول 936 مهاجرا؛ و588 مهاجرا في مارس، و995 مهاجرا في أبريل المنصرم. في المقابل، تراجعت أعداد الواصلين، بحرا، إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية هذه السنة مقارنة مع سنة 2018. إذ سجل منذ يناير الماضي وصول 180 مهاجرا إلى سبتة، بمعدل انخفاض قدره 22.1 في المائة مقارنة مع السنة الماضية. فيما وصل 51 مهاجرا إلى ميليلة، بحرا، بنسبة انخفضت ب 69.3 في المائة مقارنة مع السنة الماضية. وبخصوص أعداد القتلى، أشارت منظمة الهجرة الدولية إلى 137 من المهاجرين القتلى والمفقودين ما بين 1 يناير الماضي و2 ماي الجاري، كانوا في طريقهم إلى إسبانيا عبر الطريق الغربية للمتوسط. وكان الشهر الأكثر درامية هو يناير، والذي سجل 62 قتيلا/مفقودا؛ و19 في فبراير؛ و53 في مارس؛ وضحيتين في أبريل.