بعدما كشفت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، المسؤولة عن تنفيذ القوانين الفيدرالية للأوراق المالية الأمريكية، وهي مؤسسة رقابة، أن مسؤولين مغاربة “تورطوا” في الحصول على رشاوى من شركة ألمانية للرعاية الطبية “فيرزينيونس”، والمتخصصة في معدات غسل الكلي وتقنيات العلاج خارج الجسم، والتي تزود مجموعة من الدول بالمنتجات والخدمات الطبية، مشيرة إلى أن الشركة تورطت في دفع رشاوى أخرى لمسؤولين كبار في دول عربية وإفريقية أخرى، علمت “أخبار اليوم” بتفاصيل وكواليس هذه القضية، التي تورط فيها كبار المسؤولين بقطاع الطب العسكري، وكيف دخلت الاستخبارات العسكرية على الخط في هذه القضية. التقرير المذكور أورد أنه من عام 2006 إلى حدود 2010، تورط كبير موظفي الشركة ومدير مبيعاتها في دفع رشوة لمسؤول مغربي ضمن "كبار الأطباء المتخصصين في أمراض الكلي" بمستشفيين عسكريين تابعين للدولة “المستشفى العسكري أكادير والمستشفى العسكري الرباط”، وذلك بهدف توقيع "عقود وصفقات" مع المستشفى لتزويده بالمنتجات الطبية، وللحصول على المزيد من العقود، يقول التقرير، عمد الجانبان إلى إبرام اتفاقية تسويقية "مزورة" مع المسؤول المغربي، ويتعلق الأمر بالمستشفى العسكري لمدينة أكادير، حيث دفعت له الشركة الألمانية، وفق التقرير، عمولة بنسبة 10 في المائة على عقد مع مستشفى أكادير العسكري مع دفع النصف في عام 2007، وبعد ذلك 12.5 في المائة سنويا. كما وافقوا على دفع رشاوى له على مشاريع مستقبلية في المغرب، بما في ذلك مستشفى الرباط العسكري. كبير الأطباء بالمغرب يتقاضى 123000 دولار نقدًا كرشوة ووفقا للتقرير ذاته، فإنه من أجل دفع 123000 دولار نقدًا للمسؤول المغربي، ابتكروا مخططًا دفعوا فيه مكافأة وهمية لمدير أحد فروع الشركة من غرب إفريقيا في حساب مصرفي ألماني، ثم سافر مدير فرع الشركة إلى ألمانيا مع شقيق للمسؤول المغربي الذي سيأخذ النقود من المصرف الألماني، وهو ما حدث فعلا، حيث أخذ شقيق المسؤول المغربي الأموال. وأفاد التقرير الأمريكي، أنه بعد أقل من شهر واحد، أي في فبراير من عام 2007، أبرمت شركة FMC Morocco ومستشفى أكادير العسكري عقدًا لتوفير منتجات لمركز غسيل الكلى، من عام 2008 إلى مارس 2012، دفعت FMC للمسؤول المغربي مبلغًا إضافيًا قدره 111.000 دولار كان، أيضًا، يتم تحويله عبر مدفوعات كمكافأة وهمية إلى مدير فرعي في FMC آخر. وكسبت FMC أكثر من 2.3 مليون دولار من الإيرادات من مشروع مستشفى أكادير نتيجة لمخطط الرشوة. وتحدث التقرير أن FMC دفعت، أيضاً، الرشاوى للمسؤول المغربي للحصول على عقد في 2009 في مستشفى الرباط العسكري، هذه المرة باستخدام عقد استشاري زائف مع وكيل مغربي مرتبط بالمسؤول المغربي. وفي غمرة استقصاء “أخبار اليوم” حول معطيات دقيقة تتعلق بالمسؤول الكبير، والذي شغل رئيس مصلحة أمراض الكلي، وشقيقه، الذي كان يُشرف على مشروع “ADJOIND” لشركة ” فيرزينيونس” يتعلق بتقديم خدمات لمستشفيات عسكرية باكادير والرباط؛ أسرّت مصادر حول رئيس المصلحة المذكور، والذي يتهمه تقرير أمريكي بالتورط في الرشوة، مشيرة إلى أن عملية استخباراتية بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، فطنت في أواخر عام 2007 لتورط المسؤول المغربي في تلقي الملايين من الدولارات كرشوة من الشركة الألمانية بأمريكا. وأصدرت القوات المسلحة الملكية آنذاك، بعهدة مفتش المصالح الصحية للقوات المسلحة الملكية، الجنرال دو ديفيزيون إدريس عرشان، قرارا بإحالة “ز.و”، وهو الذي شغل منصب رئيس مصلحة طب الكلي بالمستشفى العسكري الرباط، على التقاعد، مباشرة بعدما تناهى إلى علم جهات عليا في الاستخبارات العسكرية، موضوع “الرشوة” وعملت جميع الجهات على عدم تسريب أيّ معلومة بخصوص الموضوع إلى الرأي العام، غير أن تقرير الوكالة الأمريكية، كشف تفاصيل المعطيات دونَ الإشارة إلى الأشخاص المتورطين في الملف. عندما سافر مدير فرع شركة “فيرزينيونس” إلى ألمانيا مع شقيق للمسؤول المغربي المذكور، الذي سيأخذ المال من المصرف الألماني، كان كبير الأطباء بالمغرب، ينتظر إبرام الصفقة، لكن مصادر “أخبار اليوم” لم تنفي أن تكون الاستخبارات المغربية والأمريكية تتبع خيوط هذه القضية، يؤكد مصدر الجريدة “لا يمكن اللعب مع الجيش وفي الجيش.. هذه قاعدة لا هروب منها”. شقيق المسؤول المغربي “ف.و”، الذي كلفته لاحقا شركة “فيرزينيونس” بالإشراف على واحد من مشاريعه الذي حظي به بفعل صفقات من “الرشاوى”، التي أوردها تقرير الهيئة الأمريكية للأوراق المالية والبورصات الأمريكية، اسمه “ADJOIND” يتعلق بتجهيز المستشفى العسكري للرباط، بمعدات لغسل الكلي. المسؤول المذكور والمتورط حاليا، يرأس واحدة من أكبر المصحات الخاصة بالمغرب المتخصص في أمراض “الكلي”، وشيد المصحة المذكورة على مساحة شاسعة ضواحي العاصمة الرباط، وحدث ذلك مباشرة بعد إحالته على التقاعد. وتُعتبر شركة “فيرزينيونس” الألمانية واحدة من الشركات العالمية المتخصصة في معدات غسيل الكلي، والتي تأسست عام 1462 ولها أزيد من 13 فرعا في مختلف الدول بينهم المغرب، حيث تأسس عام 1990، ومقره بالدار البيضاء.