منذ إعلان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، قبل عامين، دعمه مشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي، يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، عادت قضية المساواة بين الجنسين إلى مقدمة نقاشات الرأي العام، ما أثار جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحقوقية، في تونس. وتجسد هذا الجدل على شكل خلاف، تُرجِم إلى مظاهرات ما بين مؤيدة ومعارضة لمقترح الرئيس السبسي، بعرض نص مشروع القانون على البرلمان، وأيضا إلى تدوينات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، تناقش اتجاه تونس نحو المساواة بين الرجل والمرأة فى الإرث. وقالت المؤرخة التونسية، دلندة الأرقش، في حديث مع “اليوم 24″، إن النقاش حول المساواة في الميراث بين الجنسين، بدأ قبل إعلان رئيس الجمهورية، اتجاه “تونس نحو إقرار قانون ينص على ذلك”، داخل أوساط نسوية مثقفة محصورة، إلا أن “الجديد اليوم، هو تحوله إلى نقاش مجتمعي”، أظهر أن “القضية شائكة وخلافية، خاصة مع وجود قوة سياسية ترتكز على الدين، وترفض مبدأ المساواة في الإرث، رغم تصويتها على دستور 2014، الذي ينص على المساواة وتكافؤ الفرص”، في إشارة إلى حزب “حركة النهضة” الإسلامي. وأضافت الأرقش، المتخصصة في دراسات النوع الاجتماعي، أن هذا “الحزب السياسي (حركة النهضة)، حاضر بقوة في الساحة السياسية والبرلمان”، وفي الوقت الذي “يُظهِر ذاته كتنظيم يفصل بين الدعوي والسياسي”، يعتبر أن “النص صريح في ما يتعلق بقضية الإرث، بينما القضية اجتماعية واقتصادية بالأساس، يجب إخراجها من خطاب التقديس،لأن المجتمع متحول”، مشيرة إلى أن “النص صريح في الكثير من المسائل، التي تجاوزها التاريخ، مثل أحكام الحد بالنسبة للسارق”، واعتبرت موقف حركة النهضة، من مشروع القانون، “مناهضا للمساواة وتوظيفا للدين في الشؤون السياسية”. وكان رئيس مجلس شورى “حركة النهضة”، قد أعلن، في غشت الماضي، أن الحركة “ترفض أي مشروع يتناقض مع الدستور، ومع الآيات الصريحة والقطعية الدلالة في القرآن”، باعتبار تونس “دولة مدنية لشعب مسلم ولابد من احترام إرادة الشعب التونسي”، وذلك بالتزامن مع تظاهر آلاف التونسيين أمام مقر البرلمان، ضد تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، الذي اقترح مشروع قانون يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، ويترك في الوقت نفسه المجال مفتوحاً أمام الاختيار في تطبيقه أو عدم تطبيقه. وذكرت، الأكاديمية من جامعة منوبة التونسية، ل”اليوم 24″، أن ما أدى إلى فتح النقاش حول المساواة في الإرث، هو ما وصفته ب “التناقض”، الذي ظهر مع “الهيكلة المجتمعية ودور المرأة الاقتصادي في تونس”، متسائلة “كيف أن العائلة تربي البنت والولد بنفس الطريقة، ثم تخرجهما للمدرسة معا، لتحمل البنت فيما بعد قسطا كبيرا من المسؤولية على عاتقها، وتساهم في مصاريف العائلة”، مؤكدة أن القضية “ليست مسألة دينية، لاسيما مع التحولات العديدة، التي تعيشها تونس مجتمعيا، واقتصاديا، وحقوقيا”. وتحتضن الرباط، اليوم الجمعة، مؤتمرا دوليا حول "النوع والجامعة"، لتدارس إمكانيات إقرار التعليم والتكوين في مجال المساواة بين المرأة والرجل، وتعميمه بالجامعات، مع تبادل التجارب المتنوعة، في المجال، بين الدول المشاركة في المؤتمر، وتشارك المتخصصة في دراسات النوع الإجتماعي، دلندة الأرقش، في المؤتمر الذي تنظمه، منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق التابعة لجامعة الحسن الثاني، إلى جانب باحثين وأكادميين، من داخل المغرب، ومن دول الشرق الأوسط وإفريقيا، وأوروبا، من بينها، مصر، ولبنان، وفرنسا، وبلجيكا، وإسبانيا.