ما يزال ملف فضيحة مشروع “باديس” بالحسيمة، الوجه الآخر لنكبة مدينة الحسيمة، يراوح مكانه بغرفة الجنايات الابتدائية لدى قسم الجرائم المالية بفاس، حيث لم يتمكن رئيس الغرفة القاضي محمد اللحية بجلسة أول أمس الثلاثاء، وللمرة الرابعة على التوالي، من مواصلته لمناقشة القضية بسبب الغياب المتكرر لبعض المتهمين، والذين باتوا بحسب المتتبعين يتناوبون على تقديم مبررات لتخلفهم عن جلسات محاكمتهم، وهذه المرة من صاحب شركة للخشب أدلى دفاعه للمحكمة بشهادة طبية تثبت تعرضه لوعكة صحية، فيما كان المتهم الثاني الغائب، مدير شركة للتجهيز الكهربائي، لم يبرر دفاعه سبب تأخره، مما دفع القاضي إلى معاقبته بإجراء مسطرة غيابية في حقه. تأجيل جديد وتسبب غياب المتهمين عن جلسة أول أمس الثلاثاء، في تأجيل الاستماع لشهادة الممثل القانوني للمختبر العمومي للأبحاث والدراساتLPEE، عبد لله فكري، والذي حضر للمرة الرابعة من مدينة الدارالبيضاء حيث يوجد مقر المختبر، للإدلاء بتصريحاته كشاهد بطلب من دفاع العلمي ومن معه، وذلك بعدما سبق لقضاة جطو بأن كلفوه بإجراء خبرة على المشروع السكني “باديس” بالحسيمة، وهي الخبرة التي كشفت عن اختلالات يحاكم من أجلها أطر الCDG والشركات التي تدخلت في الأشغال، حيث حدد القاضي محمد اللحية ال30 من شهر أبريل المقبل، أي بعد أزيد من شهر من الآن، موعدا لتلقي شهادة ممثل المختبر العمومي. وردد القاضي نفس الكلام الذي قاله خلال الجلسات الثلاث السابقة، بقوله مخاطبا المتهمين الحاضرين ودفاعهم، إن جلسة نهاية شهر أبريل المقبل، تعتبرها المحكمة آخر مهلة لمناقشة الملف قبل إصدار هيئة الحكم لأحكامها فيه، إذ بدا القاضي محمد اللحية وأعضاء هيئته والوكيل العام للملك، عبد العزيز البقالي، محرجين بسبب التأجيلات المتتالية لأكبر ملف معروض على غرفة الجرائم المالية بفاس، إذ يقترب من مرور السنة الخامسة عن وصول قضية المشروع السكني “باديس” إلى يد الملك محمد السادس، والذي أمر بالتحقيق فيه عقب توصله بشكايات من أصحاب شقق هذا المجمع السكني صيف 2014 خلال زيارته لمدينة الحسيمة، وهو ما دفع رئيس هيئة الحكم بجلسة أول أمس الثلاثاء، يقول إن الملف ضيع على المحكمة الكثير من الوقت أكثر مما يستحق، وهو الاعتراف الذي جعله يشهر تهديده بفصل ملف من سيتغيب عن جلسة مارس المقبل عن الملف الأصلي، وتطبيق المسطرة الغيابية في حق كل مخالف تأخر عن الحضور مهما كان عذره، فيما علق محامو المتهمين على قرارات التأجيل المتتالية، بأنها عادية تحكمت فيها إجراءات مسطرية لتجهيز الملف وضمان المحاكمة العادلة للمتهمين وصون حقوق الدفاع. رعب بعد الحكم بالسجن على حجيرة وبعيوي أرخت الأحكام بالسجن النافذ والتي صدرت الأربعاء ما قبل الماضي في حق عمدة وجدة ورئيس جهة الشرق في قضية تبديد واختلاس أموال عمومية، (أرخت) بظلالها على جلسة أول أمس الثلاثاء لمحاكمة المتهمين في فضيحة “مشروع باديس” بالحسيمة أمام نفس قسم الجرائم المالية بفاس، حيث عم الرعب والخوف بين المتهمين من أطر الCDG” والمقاولين، والذين تخوفوا قبل وأثناء مثولهم أمام المحكمة بجلسة أول أمس الثلاثاء من مفاجئتهم هم أيضا بأحكام بالسجن، خصوصا أن ملف فضيحة “باديس” بالحسيمة، سبق للملك محمد السادس أن أمر بالتحقيق فيها خلال صيف 2014، وأن القصر ينتظر كلمة القضاء فيه بعدما ظل المتهمون ال27 متابعين في حالة سراح وحصلوا خلال مرحلة التحقيق معهم على امتياز إلغاء قرار إغلاق الحدود في وجوههم. وفي هذا الصدد، كشف مصدر قريب من الموضوع ل”أخبار اليوم”،أن جميع المتهمين والذين حضروا منذ الصباح الباكر إلى محكمة الاستئناف، على الرغم من أن جلسة محاكمتهم تنطلق بعد الزوال، استنفروا هواتفهم واتصالاتهم قبل الجلسة مع محامييهم بغرض التشاور بخصوص الخوف والقلق اللذين تملكا المتهمين خشية مفاجئتهم بأحكام بالسجن في حقهم، كما حصل مع عمدة وجدة الاستقلالي ورئيس جهتها من “البام”، خصوصا أن 23 متهما من أصل 27 متهم، يواجهون في فضيحة “المشروع السكني باديس”، تهما جنائية ثقيلة تخص “جناية اختلاس وتبديد أموال عامة حددتها تقارير المحققين واللجنة الملكية في مبلغ 1.489.838,70 درهما”، إضافة إلى تهمتي “تزوير محررات رسمية واستعمالها”، و”جنحة التصرف في أموال غير قابلة للتفويت”، همت تفويت 35 بقعة أرضية عارية تابعة لمشروع “باديس” السكني لفائدة عدد من المنعشين العقارين الخواص، وذلك بشكل خالف العقد المبرم مع شركة العمران، وهو الأمر الذي فجرته حينها سلطات عمالة الحسيمة والتي اعترضت على العملية لعدم قانونيتها، بحسب تقارير ومحاضر المحققين. هذا وقضى المتهمون، خصوصا أنس العلمي، المدير العام السابق لCDG ، وزميله علي غنام المدير العام السابق لCDI ، وأطره وممثلي الشركات التي تدخلت في “باديس”، (قضوا) لحظات عصيبة داخل قاعة غرفة جرائم الأموال، قبل أن يعيد لهم رئيس الغرفة محمد اللحية الابتسامة البادية على وجوههم، بعدما قرر عدم تجهيز ملفهم للمناقشة الأخيرة، ويؤخر قلقهم من مصيرهم إلى ما بعد شهر من الآن، بسبب تأجيل ملف محاكمتهم لنهاية شهر أبريل المقبل. مواجهة ساخنة نهاية أبريل كشف مصدر قريب من ملف العلمي ومن معه، بأن جلسة ال30 من شهر أبريل المقبل، ستحدث منعطفا جديدا في مسار قضية “باديس”، حيث تنتظر المتهمون، خصوصا أطر ال”CDG” وذراعها العقاري ال”CGI” والشركات الكبرى للأشغال، مواجهة تقنية ساخنة مع الممثل القانوني للمختبر العمومي للتجارب والدراسات LPEE ، عبد الله فكري، والذي أشرف بطلب من قضاة جطو، على إنجاز تقرير حول اختلالات مشروع “باديس”، حيث ستستمع المحكمة لشهادته في هذه القضية، بخصوص ما تضمنه التقرير الذي أنجزه مختبره من فضح لاختلالات تراوحت بين البناء في منطقة مهددة بالزلازل ومصنفة في الدرجة الثالثة من الخطورة بمدينة الحسيمة، وضعف مقاومة خرسانات هيكل البنايات لمقاومة الضغط، وعيوب أخرى في التزيين والتبليط وربط الشقق بشبكة الماء الصالح للشرب وشبكات التطهير. وبحسب ذات المصدر، فإن المتهمين سبقوا هذه المواجهة مع ممثل المختبر العمومي للتجارب والدراسات، بشنهم لهجوم قوي على “مختبر الدولة”، قبل جلسة المواجهة مع ممثله القانوني، حيث سبق لأطر الCDG والشركة المتعاقد معها لإنجاز الأشغال الكبرى وشركات الدراسة والهندسة، خلال استنطاقهم من قبل المحكمة بجلسات محاكمتهم، أن اتهموا مختبر “LPEE” بتقمصه لدور الحكم والخصم في قضية “باديس”، وحجتهم كما كشفوا عن ذلك للمحكمة، هو أنهم خضعوا لأوامر المختبر العمومي LPEE في إنجاز الأشغال، وذلك بسبب العقدة التي تجمعه مع الCDG، والتي تفرض على المختبر العمومي مراقبة الأشغال والتأكد من جودتها منذ بدايتها حتى نهايتها، قبل أن يفاجأ المتهمون، بحسب تصريحاتهم للمحكمة، بمواجهتهم باتهامات تخص اختلالات وعيوب رصدها تقرير المختبر، والذي يعتبر هو أيضا طرفا فيما هم متهمون به، يورد المتهمون في قضية “باديس” الوجه الآخر لنكبة مدينة الحسيمة في ردهم على تقرير مختبر”LPEE” والذي قادهم للمحاكمة.