التحرش الجنسي ينتهي أحيانا إلى مآسي. هذا ما حدث في معاكسة في الشارع العام بمراكش، فقد فتحت الشرطة القضائية بولاية أمن المدينة، ابتداءً من زوال أول أمس الثلاثاء، بحثا قضائيا تمهيديا في شأن مصرع فتاة ثلاثينية تعرّضت، صباح اليوم نفسه، لتحرش جنسي لفظي من طرف شخص، تطور إلى اعتداء جسدي تسبب في سقوطها أرضا، قبل أن تدهسها شاحنة وترديها قتيلة. واستنادا إلى مصدر مطلع، فقد كانت الضحية، المزدادة سنة 1980، تستقل دراجتها النارية من نوع “سوينغ”، في رحلة بحث عن عمل، متوجهة من منزل عائلتها بحي “المحاميد”، بمقاطعة “المنارة”، إلى إحدى الوحدات الفندقية بمقاطعة “النخيل” من أجل إجراء مقابلة عمل للحصول على منصب شغل، قبل أن تتعرّض لمعاكسة طويلة من طرف شاب، من مواليد سنة 1987، بدأت بإطلاقه عبارات الغزل والإعجاب، وتطورت إلى ملاحقة لها على متن دراجته النارية، انتقلت خلالها المعاكسة إلى تحرش جنسي بألفاظ بذيئة، خاصة بعد أن تجاهلته الضحية، التي استمر في مطاردتها حتى مدخل منطقة “عين إيطي”، غير بعيد عن المقبرة المحاذية لوادي “إيسيل”، وهناك اعترض طريقها لتطلب منه الانصراف وتركها تمضي إلى حال سبيلها، ليتطور التحرش الجنسي إلى اعتداء جسدي عليها، إذ قام بصفعها لتسقط أرضا بوسط الطريق من على دراجتها، ويصادف ذلك مرور شاحنة كانت متوجهة إلى الحي الصناعي، لتدهسها وتسحق رأسها تحت العجلات، وتلقى الضحية مصرعها في الحال، فيما لاذ المعتدي بالفرار. تلقت الشرطة إخبارا بوقوع حادثة سير مميتة، ولم يتأخر وصولها طويلا، فقد حلّ بالموقع رجال أمن تابعون لمصلحة حوادث السير بالدائرة الأمنية ال 15، لإنجاز محضر معاينة لحادث المرور المروع، إذ تم نقل جثة الضحية إلى مستودع حفظ الأموات، بينما تم اقتياد سائق الشاحنة إلى مقر الدائرة، حيث تم وضعه تحت الحراسة النظرية، في انتظار إجراء مسطرة تقديمه أمام النيابة العامة المختصة بابتدائية المدينة، لارتكابه جنحة حادثة سير مميتة. غير أن منعطفا مثيرا غيّر مجريات التحقيقات الأمنية من إجراء مسطرة عادية تتعلق بحادث مرور إلى بحث تمهيدي قضائي في شأن جناية مفترضة، فقد أدلى بعض الشهود العيان بإفادات إلى رجال الأمن يؤكدون فيها بأن الفتاة القتيلة كانت ضحية لتحرش جنسي واعتداء جسدي سبقا تعرّضها لحادثة السير، ليتم إخبار الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، الذي عهد للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالمدينة بإنجاز أبحاث أمنية، استهلتها بالاستماع إلى الشهود المذكورين، بينهم صاحب مقهى مجاورة لموقع الحادث، كما تم الاطلاع على تسجيلات الكاميرات المثبتة بالمدارة الطرقية بحي “باب الخميس”. التحريات الأمنية الأولية أثمرت نتائج سريعة، فقد تمكنت الشرطة القضائية، في البداية، من تحديد هوية الضحية، التي اتضح بأنها شقيقة صغرى لشرطية بولاية أمن المدينة، كما تم توقيف الشخص المشتبه فيه، ساعات قليلة بعد الحادث، ليتم وضعه تحت الحراسة النظرية، إذ من المقرّر أن تُجرى له مسطرة التقديم، يومه الخميس، أمام أحد نواب الوكيل العام، للاشتباه في ارتكابه أفعالا تتعلق ب”الإيذاء المفضي إلى الموت”.