بعد تحذير وكالة حماية الحدود الخارجية الأوروبية (فرونتيكس) في تقريرها، مؤخرا، من إمكانية تحطيم الهجرة السرية بين المغرب وإسبانيا كل الأرقام القياسية هذه السنة؛ تسود حالة من الاستنفار داخل الأجهزة التابعة للمفوضية الأوروبية، إذ حثت هذه الأخيرة على ضرورة إسراع استئناف مفاوضات توقيع اتفاق جديد مع المغرب، يقضي بقبوله إعادة تسلم المهاجرين غير النظاميين وتسهيل حصول المغاربة على تأشيرة شينغن؛ كما استعجلت رفع الدعم المخصص إلى المغرب الذي تحول إلى البوابة الرئيسية لولوج المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، معترفة بأن المغرب تسلم إلى حدود الساعة 45 مليون أورو من أصل مبلغ 140 مليون أورو خصص له كدعم مالي سنة 2018 لمحاربة الهجرة السرية، وهي السنة التي عرفت وصول 65 ألف مهاجر سري إلى إسبانيا، 13 ألف منهم مغاربة، حيث احتلوا المرتبة الثانية بعد السوريين. لكن، مقابل كل هذا الدعم يشترط الاتحاد الأوروبي على المغرب احترام حقوق الإنسان. مصادر من داخل المفوضية الأوروبية، أوضحت أن المغرب توصل ب45.6 مليون أورو من أصل 140 مليون أوروبي كدعم مالي إضافي أوروبي موجه للمغرب، مبرزة أن 55 مليون أورو أخرى جاهزة للصرف. لكن المصادر ذاتها كشفت لوكالة الأنباء “أوروبا بريس”، أن هذا الدعم الأوروبي لا يقدم للمغرب بشكل اعتباطي ودون مراقبة، بل ب”شرط” احترام حقوق الإنسان والمعايير الدولية، مؤكدة: “لا نمنح المال دون وضع شروط بخصوص حقوق الإنسان”. واعترفت المفوضية الأوروبية بالضغط الكبير الذي تتعرض له الرباط ومدريد في مجال الهجرة، لهذا حثت على تعزيز التعاون مع المغرب. مفوض الهجرة والداخلية، ديميتريس أفراموبولوس، أشار إلى أن تحول مسار الهجرة السرية إلى المغرب يأتي بعد تراجع تدفقات الهجرة السرية عبر الطريق الليبية الإيطالية، داعيا إلى تسليم المغرب الدعم المالي الموجه له في أواخر السنة المنصرمة، لكي “يحسن قدرات تدبير الحدود”. وتابع قائلا: “نتمنى تطوير علاقتنا مع المغرب لتكون أكثر متانة وعمقا وطموحا”. على صعيد متصل، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى جر المغرب للتوقيع على اتفاق يقضي بإعادة استقبال المغرب كل المهاجرين السريين الذين يصلون إلى أوروبا انطلاقا من سواحل المملكة، بما في ذلك المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وهو الشرط الذي يرفضه المغرب جملة وتفصيلا، إذ من المرجح أن المغرب يرغب فقط في إعادة استقبال رعاياه، أي التوقيع على اتفاق أشبه بذلك الذي وقع مع إسبانيا سنة 1992، وهو الاتفاق الذي تستند إليه إسبانيا حاليا لإعادة ترحيل المهاجرين المغاربة إلى المملكة. هكذا دعت بروكسيل بحر هذا الأسبوع إلى “إسراع إعادة استئناف مفاوضات إعادة استقبال وتسهيل التأشيرة مع المغرب”. صحيفة “الإسبانيول” أوضحت أن الأمر يتعلق بتجديد التفاوض من أجل توقيع اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يقضي بقبول الرباط إعادة استقبال المهاجرين غير النظاميين، مقابل تسهيل حصول المغاربة على التأشيرة وتسهيل الهجرة النظامية. وأضاف المصدر ذاته أن هذه العرض الأوروبي ليس بالشيء الجديد، بل سبق وطرح سنة 2000 بتشجيع من إسبانيا، لكن المفاوضات لم تتقدم وبقي هذا الاتفاق المفترض عالقا. المصدر أرجع عدم التوصل إلى هذا الاتفاق، إلى سبب رئيسي، يتمثل في فرض الاتحاد الأوروبي على المغرب قبول إعادة استقبال ليس فقط المغاربة، بل حتى المغاربيين والمنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء الواصلين إلى أوروبا انطلاقا من سواحل المملكة أو حدود المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. غير أن المغرب يرى أن “هذا الشرط غير مقبول”. وأضاف المصدر أن المغرب يريد اتفاقا يقضي بإعادة استقبال رعاياه فقط كما هو حاصل مع الاتفاق الثنائي الموقع مع إسبانيا، علاوة على الدعم المادي واللوجيستي. إلى هذا، بات من شبه المؤكد أن هناك شيئا ما يتفاوض حوله بين الرباط ومدريد وبروكسيل لمواجهة أكبر أزمة للهجرة السرية في غرب المتوسط منذ بروز الظاهرة سنة 1988، وهو ما يؤكده كلام ديميتريس أفراموبولوس: “قريبا سيكون كل شيء تحت السيطرة”. تقرير فرونتيكس الأخير، أوضح أن المغاربة احتلوا المرتبة الثانية من بين مجموع المهاجرين واللاجئين الواصلين إلى أوروبا سنة 2018، ب13269 حرّاكا، مسبوقين بالسوريين ب14378 لاجئا، ومتبوعين بالأفغان ب12666 لاجئا. في المقابل، كشف التقرير أن السلطات الأوروبية رحلت إلى المغرب 10010 حراك، إذ احتل المغاربة المرتبة الثانية خلف الألبان ب16368 مرحلا، ومتبوعين بالجزائريين ب4048 مرحلا. وبِلُغة الأرقام، يبين التقرير أن أكثر من ثلث المهاجرين السريين الواصلين إلى سنة 2018 قاموا بذلك عبر إسبانيا، أي ما يربو عن 58131 مهاجرا من أصل 150 ألف مهاجر واصل إلى أوروبا. ال55307 مهاجر وصلوا إلى إسبانيا على متن قوارب الموت أو الدراجات المائية، حيث إن العدد ارتفع ب157 في المائة مقارنة مع سنة 2017؛ بينما وصل 1337 مهاجرين آخرين برا إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية انطلاقا من الداخل المغربي، ما يعني أن العدد تراجع ب10 في المائة مقارنة مع 2017؛ فيما سجل وصول 1487 مهاجرا سريا إلى جزر الكناري، 55 في المائة منهم انطلاقا من المغرب والباقي من سواحل السنغال، على أن 421 من الواصلين إلى جزر الكناري مغاربة..