في الوقت الذي حذرت فيه تقارير أوروبية وأممية من عودة الشباب المغاربة إلى ركوب “مقبرة المتوسط” منذ السنة الماضية، بهدف الوصول إلى الفردوس الأوروبي في ظل انسداد الآفاق في المملكة؛ كشفت معطيات جديدة أن هناك إقبالا كبيرا على تأشيرة “شينغن” في مختلف القنصليات الإسبانية بالمغرب في السنوات الأخيرة، لاسيما في السنتين الأخيرتين. المعطيات ذاتها تفيد بأن القنصليات الإسبانية الستة في جنوب ووسط وشمال المملكة منحت ما بين سنتي 2017 و2018 ما مجموعه 401847 تأشيرة. الأرقام التي حصلت عليها وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” من مكتب الإعلام الدبلوماسي الإسباني، تبرز استصدار 220929 تأشيرة على طول السنة المنصرمة من مختلف القنصليات الإسبانية بالمغربية، بمعدل 1000 تأشيرة في اليوم، إذا ما تم خصم أيام نهاية الأسبوع والأعياد. الأرقام ذاتها توضح، أيضا، كيف ارتفع عدد التأشيرات المستصدرة في ظرف سنة، إذ انتقل من 180918 تأشيرة سنة 2017 إلى 220929 تأشيرة سنة 2018، بل أكثر من ذلك يلاحظ، جليا، أن عدد التأشيرة المستصدرة من القنصليات الإسبانية بمدن الرباط والدار البيضاءوطنجة والناظور وأكادير وتطوان، انتقل من 140 ألفا و180 ألفا قبل 10 سنوات إلى 221 ألفا تقريبا سنة 2018. مصادر مغربية وإسبانية مطلعة استفسرتها “أخبار اليوم” حول أسباب ارتفاع الإقبال على تأشيرة شينغن من القنصليات الإسبانية، انقسمت في شرح هذا الارتفاع؛ البعض رأى فيه تجسيدا للعلاقات الممتازة التي تجمع البلدين في السنوات الأخيرة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والسياحي؛ كما أرجعه إلى انفتاح القطاع السياحي على السياح المغاربة؛ في المقابل، يعتقد البعض الآخر أن هذا الارتفاع يعكس قلق الشباب المغربي ورغبته في الحصول على التأشيرة الإسبانية للهجرة إلى أوروبا، مبرزا أن القنصليات الإسبانية في طنجةوالرباط والدار البيضاء تعرف في السنتين الأخيرتين ضغطا كبيرا، كاشفا أن العديد من الشباب رفضت طلباتهم، إذ لو استجيب للجميع لكان عدد التأشيرات المستصدرة أكبر بكثير. في نفس السياق، بينت الأرقام عينها أن المغرب احتل المرتبة الثالثة بخصوص الاستفادة من التأشيرة الإسبانية بعد كل من روسياوالصين، علما أن ساكنة المغرب تقدر بحوالي 35 مليون نسمة وفق إحصاء 2014، بينما يتجاوز عدد سكان روسيا 144 مليون نسمة والصين 1.3 مليار نسمة. وبينما يلاحظ أن أغلب التأشيرة الإسبانية المستصدرة في الصينوروسيا مدتها قصيرة من أجل السياحة أو التجارة؛ يظهر ارتفاع الطلب على التأشيرات الإسبانية ذات الإقامة الطويلة المستصدرة المغرب، حيث بلغ عددها 59 ألفا من أصل 220929 تأشيرة. هكذا، منحت 6000 تأشيرة للطلبة سنة 2018، وأكثر من 15 ألف تأشيرة في إطار التجمع العائلي، و34 ألفا في إطار ما يعرف بعقود العمل؛ علاوة على 15 ألف تأشيرة منحت للعاملات المغربيات اللواتي انتقين للعمل في حقول الفواكه الحمراء في بإسبانيا ما بين فبراير المنصرم ويوليوز المقبل. على صعيد متصل، وإذا أخذ بعين الاعتبار أن طلب التأشيرة الإسبانية يكلف 660 درهما، فإن المداخل “البيروقراطية” لإسبانيا بالمغرب بلغت 13 مليار سنتم و260 ألف درهم تقريبا. مصادر مطلعة أشارت إلى أن هذه المداخل تتجاوز بكثير ما تخسرها القنصليات الإسبانية على مثل هكذا تدابير، ما يعني أن طلبات الحصول على التأشيرة الإسبانية بالمغرب يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل كبير للخزينة الإسبانية. موظف قنصلي إسباني رفض الكشف عن هويته أوضح ل”إيفي” قائلا: “إذا قامت إسبانيا بتعزيز قنصلياتها بالمزيد من الموارد البشرية في أقسام التأشيرات، يمكن تغطية الطلب المرتفع، وتحصيل مداخل صافية للدولة”. العديد من المغاربة أكدوا ل” أخبار اليوم” أنهم ينتظرون أكثر من شهر للحصول على موعد، إلى جانب صعوبة ربط الاتصال بقسم التواصل بالقنصليات، كما أن أغلب المغاربة يفضلون تجنب التقدم للحصول على التأشيرة في فصل الصيف.