لم يتغير شيء هذه السنة، أيضا، على صعيد مديونية المملكة، حيث تواصل تسجيل مستويات مرتفعة دقت بسببها أكثر من مؤسسة وطنية ودولية ناقوس الخطر. بل وصل الأمر حد “تهديد” مؤسسات إئتمان دولية بمراجعة تقييمها لأداء الاقتصاد المغربي، في حال لم يتم إيقاف المنحى التصاعدي الذي تسلكه الديون. المعطيات المتوفرة تشير إلى أن ارتفاع الحجم الإجمالي للمديونية العمومية، خلال الفترة ما بين 2010 و2017، حيث انتقلت المديونية العمومية من 534.1 مليار درهم إلى 970 مليار درهم مع متم 2017، وهو ما استمر، أيضا، في سنة 2018، لتنتقل بذلك حصته من الناتج الداخلي الخام إلى 91.2 في المائة. أكثر من هذا، واصل دين الخزينة العامة وتيرته التصاعدية، حيث بلغ ما يفوق 693 مليار درهم، ما يمثل نسبة تصل إلى 66.3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقارنة ب 65.1 في المائة في عام 2017. وأمام هذه الوضعية المقلقة، اعتبر إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، “أن تفاقم مديونية الخزينة، من خلال تزايد العجز والتوجه نحو الاقتراض، يؤشر إلى أن الهدف الذي رسمته الحكومة لتقليص نسبة المديونية إلى 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في أفق 2021 سيكون من الصعب بلوغه”. جطو اعتبر، كذلك، أن مديونة المؤسسات والمقاولات العمومية، بشقيها المضمون وغير المضمون من طرف الدولة، واصلت ارتفاعها، مشيرا إلى أن الدين الخارجي يشكل جزءا مهما من مديونية هذه المؤسسات والمقاولات، بنسبة عالية في حدود 54 في المائة من الدين العمومي الخارجي. وإلى جانب تحذيرات إدريس جطو، نجد تحذيرات مماثلة من عبداللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي يشير إلى أن المديونية العامة للمغرب تمثل نحو 81.9 في المائة من الناتج الخام الداخلي في 2018، متوقعاً أن ترتفع قليلاً إلى 82 في المائة خلال العام المقبل، مع تراجع لحصة المديونية الداخلية نتيجة عزم الحكومة على الخروج للاقتراض من السوق المالية الدولية. ويظهر من تبعات إفراط الحكومة في الاستدانة تأثير ذلك على توقعات عدد من مؤسسات التصنيف بالنسبة إلى التصنيف الائتماني للمغرب، حيث عمدت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” إلى مراجعة توقعاتها من “مستقر” إلى “سلبي”. ما يعني أنه بات مهددا بفقدان تصنيفه “BBB-” على المدى الطويل و”A-3″ على المدى القصير خلال العامين المقبلين، إذا لم يستطع تحسين أوضاعه الاقتصادية والمالية. تخفيض التصنيف يعني أيضا، حسب الوكالة، أن يفقد المغرب درجة “الاستثمار”، أي جاذبيته لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وإمكانيات حصوله على قروض من السوق الدولي بشروط تفضيلية، وهو ما سيكون له، كذلك، انعكاس سلبي على عدد من المؤسسات العمومية التي تلجأ إلى السوق الدولي للاقتراض على المنوال نفسه، سارت وكالة “موديز” التي شككت في قدرة الحكومة المغربية على تخفيض الدين العمومي إلى المستوى المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، أي 60 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وأوضحت وكالة التصنيف الائتماني “موديز”، أن الانكماش المالي يقلل من فرص المغرب لتخفيض الدين العمومي إلى أقل من 60 في المائة، كما تعهد بذلك سابقا أمام صندوق النقد الدولي، وخلص التصنيف الصادر عن موديز: “أن الوضع يظل سلبيا بالنسبة إلى الائتمان”. وعلى غرار الأداء السلبي للمديونية، واصل عجز الميزانية تسجيل ارتفاع خلال السنة التي نودع إلى حدود 3.7 في المائة في 2018 من الناتج الداخلي الخام، كما ارتفع العجز في الحساب الجاري لميزان الأداءات بنسبة تصل إلى 4.2 في المائة. معطيات محينة صادرة عن الخزينة العامة للمملكة أفادت بأن وضعية التحملات وموارد الخزينة أفضت إلى تسجيل عجز في الميزانية بلغ 36,7 مليار درهم نهاية شهر نونبر 2018، مقابل 31 مليار درهم في الفترة نفسها من السنة الماضية. ويجد هذا العجز تفسيرا في الرصيد السلبي ب17,7 مليار درهم للحسابات الخاصة للخزينة ولمصالح الدولة التي يتم تدبيرها بكيفية مستقلة. وعلى غرار عجز الخزينة المستمر، يتواصل تفاقم العجز التجاري للمبادلات الخارجية للمغرب إلى ما يفوق 94 مليار درهم. البيانات الصادرة عن مكتب الصرف، تبرر هذا التفاقم بارتفاع الواردات مقارنة بالصادرات، حيث لا تتجاوز نسبة التغطية نسبة 78 في المائة. مشيرة إلى أن ارتفاع الواردات تقوده واردات المنتجات الطاقية (زائد 19.9 في المائة إلى 67.8 مليار درهم عند نهاية أكتوبر)، ومشتريات سلع التجهيز (زائد 9.6 في المائة إلى 96.6 مليار درهم)، ثم المنتجات الخام (20.5 في المائة إلى 20.3 مليار درهم).