بعد أن استقبله المغرب ورفض تسليمه عدة مرات إلى السلطات الموريتانية بعد خلافه مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، واختيار مدينة مراكش كمنفى اختياري له، وفي تطور لافت، سارعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، باتهام رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو بنشر “جوازات سفر مغربية مزعومة”، على أنها للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ولنجله بدر ولد عبد العزيز. وقالت الخارجية المغربية في بيان أصدرته مساء أول أمس الخميس، إن “السلطات المغربية أخذت علما بنشر المواطن الموريتاني محمد ولد بوعماتو، على الشبكات الاجتماعية، لصور جوازات سفر مغربية مزعومة، على أنها تعود للرئيس الموريتاني فخامة السيد محمد ولد عبد العزيز، وأحد أفراد عائلته”. وعبر البيان الذي حمل انتقادا شديدا لرجل الأعمال الموريتاني المعارض، عن رفض المغرب بشدة هذا التجاوز الشنيع”، مضيفا أن “التحريات الأولية مكنت بالفعل، من تأكيد أن هذه الجوازات المزعومة غير موجودة على مستوى قاعدة بيانات المصالح المغربية المختصة”. ومنعت الخارجية المغربية، رجل الأعمال الموريتاني من دخول التراب المغربي، مع الاحتفاظ بحق متابعته جنائيا، وأكدت أنها شرعت في فتح بحث قضائي، وقالت في بيانها “طبقا لنهجها القانوني، ستمضي المملكة المغربية قدما بالتحقيق القضائي الذي باشرته بخصوص هذا الفعل الدنيء إلى نهايته. وسيمنع السيد ولد بوعماتو، المتورط في هذه القضية، من دخول التراب المغربي، مع الاحتفاظ بحق المتابعات الجنائية التي قد تفتح ضده”. وخلص البيان إلى التأكيد على أن المغرب، “المتشبث بالروابط التاريخية القوية بين الشعبين وبالعلاقات الأخوية وحسن الجوار بين البلدين الشقيقين، لن يسمح، بأي شكل من الأشكال، باستغلال ترابه بغرض المس باستقرار موريتانيا أو استهداف مؤسساتها العليا”. وينحدر ولد بوعماتو من قبيلة أولاد بوسباع وهي نفس القبيلة التي ينتمي إليها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وهو من أبناء عمومته. وهو كان من بين أبرز رجال الأعمال الذين دعموا ولد عبد العزيز خلال فترة الانقلاب العسكري الأولى، وكان أيضا داعما قويا له خلال فترة الانتخابات الرئاسية في 2009، قبل أن تتغير الأمور ويصبح من أشد معارضيه. وكانت السلطات الموريتانية في العديد من المناسبات، تطالب السلطات المغربية بتسليم ولد بوعماتو، إضافة إلى عدد من المعارضين الموريتانيين المتواجدين في المغرب، من بينهم رجل الأعمال محمد الشافعي، وهو ما كانت ترفضه السلطات المغربية. وسبق للقضاء الموريتاني أن أصدر في فاتح شتنبر من السنة الماضية، مذكرة اعتقال دولية في حق ولد بوعماتو، وكذا مدير أعماله محمد ولد الدباغ، وذلك بتهمة “تقديم رشاوى لعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني، إضافة إلى نقابيين وإعلاميين موريتانيين”. وخلال شهر أكتوبر من السنة ذاتها، قالت وسائل إعلام موريتانية، إن المملكة المغربية أبلغت محمد ولد بوعماتو بأنه شخص غير مرغوب فيه، وأن عليه مغادرة الأراضي المغربية. وسبق للرئيس الموريتاني أن تحدث في حوار مع مجلة جون أفريك خلال شهر فبراير الماضي، عن معارضيه الموجودين في المغرب، وأكد أنه لم يكن راضيا عن تواجد ولد بوعماتو في المغرب وقال “لم نكن نرغب في بقائه بالمغرب وغادرها”. إلى ذلك، ومنذ وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة، بعد قيادته لانقلاب عسكري على الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، في غشت من سنة 2008، والعلاقات المغربية الموريتانية تمر بتوتر صامت. وفي نهاية سنة 2017، بدأت العلاقات بين البلدين تشهد نوعا من الانفراج، ففي شهر أكتوبر من السنة ذاتها، اعتمدت موريتانيا رسميا سفيرا مغربيا جديدا، فيما عينت نواكشوط سفيرا جديدا لها في المغرب نهاية شهر دجنبر من نفس السنة، مع العلم بأن هذا المنصب ظل شاغرا منذ سنة 2012. وتشير المعطيات التي حصلت عليها “أخبار اليوم”، إلى أن ولد بوعماتو هو واحد من رجال الأعمال الذين دعموا الانقلابات العسكرية، وساهموا في تمويل الحملة الانتخابية التي اعتبرت أول حملة انتخابية ديمقراطية لانتخاب الرئيس الموريتاني، سيدي محمد ولد الشيخ، في انتخابات مفتوحة بعد سنة انتقالية التي أشرف عليها الرئيس السابق علي ولد فال، إلا أنه عندما انتخب ولد عبد العزيز رئيسا جديدا لموريتانيا، وقع له خلاف كبير مع كبار رجال الأعمال ومن بينهم ولد بوعماتو، وهو خلاف قائم على علاقة السلطة بالمال، حينها فرض عليهم ولد عبد العزيز ذعائر كبيرة بشكل انتقامي، وفي تلك الفترة هرب ولد بوعماتو إلى المغرب، إلى جانب محمد الشافعي، رجل الأعمال الذي استقر هو الآخر بالمملكة، وأصبح الاثنان من العناصر التي يعتبرها ولد عبد العزيز سوء فهم بينه وبين السلطات المغربية، وفي جميع الأحوال كانت كل التحليلات تقول إن ما يؤخر التقارب المغربي الموريتاني هو احتضان المغرب ولد بوعماتو والشافعي اللذين يعتبرهما ولد عبد العزيز من أشد أعدائه. وحسب مصادر مطلعة، فإن المعطيات التي رشحت من تقارير استخباراتية، أن من أسباب انزعاج السلطات الموريتانية لتواجد بوعماتو بالمغرب، هو تحركه بوثائق مغربية مشكوك في صحتها، ومن تم سارع المغرب في إطار حرصه على إعادة الحياة إلى العلاقات المغربية الموريتانية، إلى قطع الطريق أمام هذه الشكوك، على الرغم من عدم وجود تحسن كبير في العلاقات الدبلوماسية، ومن تم فإن الانقلاب على ولد بوعماتو هو حرص من المغرب على تجنب المشاكل مع الجارة الموريتانية، التي من الإمكان أن تعرقل تطبيع العلاقات بين المغرب وموريتانيا.