قال المصطفى المعتصم، أمين عام حزب البديل الحضاري الممنوع، إن بوعشرين صُودر حقه في البراءة. متى تعرفت على توفيق بوعشرين؟ تعرفت على توفيق بوعشرين في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، كان طالبا في فاس التي كانت جامعتها مسرحا لصراعات دموية غذتها ترتيبات سياسية خارج الجامعة. كنا في حركة الاختيار الإسلامي، التي خرج من رحمها البديل الحضاري، قد طرحنا ميثاقا طلابيا يدعو إلى إنهاء الصراع بين الطلبة، ويؤسس للتعايش بين مختلف الحساسيات الفكرية والإيديولوجية الموجودة في الساحة الجامعية المغربية. توفيق بوعشرين كان من بين العديد من الطلبة الذين تفاعلوا إيجابيا مع ميثاق ينبذ العنف ويؤسس للحوار. تعرفت عليه في تلك الندوة التي نظمت في كلية الحقوق بفاس، والتي جمعت كل ألوان الطيف الفكري والسياسي الجامعي حول القضية الفلسطينية. لازالت صورته وحضوره المتميز وهو طالب متحمس ساهم بفاعلية في ذلك النشاط، الذي كان لي شرف المشاركة فيه، إلى جانب كل من الراحل المهدي المنجرة وأحمد حرزني وعبدالإله بلقزيز. كيف ترى تجربته الصحافية؟ توفيق بوعشرين من النوع الذي يثير بسهولة الانتباه بذكائه وسعيه نحو التفوق والتميز وبعمله الدؤوب، من أجل رفع مستواه الفكري وتوسيع دائرته الثقافية. وهذا جعل منه صحافيا لامعا ومتميزا قد تتفق معه أو تختلف، لكنه يفرض عليك احترامه بمنهجيته ومعرفته وبمهنيته العالية، وجرأته التي نفتقدها في الكثيرين ممن يعملون في الحقل الصحافي كيف تنظر إلى اعتقاله والحكم الابتدائي الصادر في حقه؟ عندما اعتقل توفيق بوعشرين وسمعت بصك الاتهام الموجه ضده استعصى عليّ تقبل هذه التهم، وخصوصا تلك المتعلقة بالمتاجرة في البشر. طبعا، ليس لي أن أبرئه مما نسب إليه أو أن أتهمه، وما يسري على توفيق، يسري، أيضا، على المشتكيات، فليس لي أن أتهمهن بالكذب وبالتآمر ضده أو أصدقهن في ادعائهن. لهذا كنت ممن طالبوا بمحاكمة عادلة وكاشفة للحقيقة، ولكن للأسف الشديد لا شيء من هذا تم. فالمحاكمة شابتها شوائب وخروقات، إن على مستوى الشكل أو على مستوى الموضوع، كما أوضح ذلك الكثير من الحقوقيين ورجال قانون، مما جعل الوصول إلى الحقيقة من خلالها من المستحيلات. أما بخصوص الحكم الذي صدر في حق بوعشرين، فأقول إنه كان قاسيا جدا، ولكن في رأيي توفيق بوعشرين تعرض لما هو أفظع، فلقد صُودر بدايةً حقه في البراءة الأصلية التي تقتضي بأن المتهم يبقى بريئا حتى تثبت إدانته. ولأن قضية بوعشرين كانت قضية رأي عام، فقد سعى البعض منذ اللحظات الأولى من اعتقاله إلى رسم بورتريه مرعب له، لتشويه سمعته وتقديمه للرأي العام الوطني كمجرم وليس كمتهم. ولنقل إنه كان هناك من أصر على اغتيال بوعشرين سياسيا واجتماعيا. شخصيا، لم تطفئ المحاكمة عطشي للحقيقة في قضية توفيق بوعشرين، ومقتنع بأن المستفيدين الوحيدين مما جرى معه قبل وإبان وبعد المحاكمة، هم خصومه إن لم نقل أعداءه، الذين كانوا منزعجين منه، قلقين من جرأته عليهم، الحريصين على إسكات صوته وتكسير قلمه.