وسط توقعات بارتفاع الطلب على السكن بفعل تنامي عدد الأسر في الوسط الحضري بنسبة 100 في المائة في أفق 2044، أعلن أمس بالرباط خلال الدورة الثانية للمجلس الوطني للإسكان، الذي ترأسها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، عن خارطة طريق جديدة للنهوض بقطاع الإسكان في أفق 2030، ترمي إلى تغطية العجز في السكن بناء على مقاربة ترابية تتماشى والتوجه نحو إرساء الجهوية المتقدمة. مشروع خارطة الطريق انطلق من المكتسبات المتحققة في القطاع، وتتمثل في تخفيض العجز السكني من مليون و200 ألف إلى 400 ألف خلال الفترة ما بين 2002 و2016، وتزايد معدل إنتاج السكن بنسبة 30 في المائة خلال الفترة ما بين 2012 و2017، وإنتاج سنوي في حدود 144 ألف سكن، وإنتاج أزيد من 380 ألف وحدة من السكن الاقتصادي بقيمة 25 مليون سنتيم. لكن رغم تلك الجهود، يقول محمد قسو، الكاتب العام للمجلس الوطني للإسكان، فإن المنجز من السكن سنويا لا يغطي في شيء العجز السنوي، والذي هو في ارتفاع مستمر بفعل النمو الديمغرافي، حيث يتوقع أن تتضاعف عدد الأسر في الوسط الحضري بنسبة 100 في المائة خلال 30 سنة القادمة. وقال قسو إن التزايد السنوي للأسر في الوسط الحضري يقدر ب157 ألفا سنويا، فضلا عن الحاجة إلى تغطية الحاجيات الأسر القاطنة في دور الصفيح والتي تقدر ب20 ألفا سنويا، وأضاف الكاتب العام للمجلس قائلا “إن الإنتاج السنوي لا يغطي بتاتا حاجيات السكن”. وتقوم رؤية 2030 المعلن عنها على مرتكز رئيسي هو “المقاربة الترابية”، التي تقتضي “ضبط الحاجيات السكنية محليا، وتحديد أولويات، لأن هناك إنتاجا مفرطا أحيانا في بعض المجالات، ونقصا كبيرا في مجالات أخرى”. والحل بحسب قاسو هو “بلورة مخططات محلية سكنية في إطار تعاقدات بين الفاعلين المحليين”. وأيضا “مراجعة قاعدة الاستهداف للتركيز أكثر على المجالات التي تشهد خصاصا، وعلى المناطق التي تعرف خصاصا بنيويا”. ومن بين البرامج التي تقترحها رؤية 2030 هناك “برنامج يعزز التمازج الاجتماعي فوق العقار العمومي وفق نسب محددة: 20 في المائة على الأقل من منتوج 140 ألف درهم، و45 في المائة لمنتوج 25 ألف درهم، و35 في المائة بخصوص منتوج 450 ألف درهم”. وهناك برنامج آخر “للسكن التشاركي والتضامني” من خلال توسيع الحوافز للتعاونيات والجمعيات السكنية، وإطلاق برنامج ثالث بمنتوج سكني موجه للفئات الاجتماعية الوسطى بتكلفة تتراوح بين 800 ألف دهم ومليون و200 ألف درهم ثمة برنامج آخر موجه للنهوض بالسكن القروي تقترحه خارطة الطريق الجديدة، وتقضي بتعزيز البرامج والتدخلات، وإدماج محور السكن في استراتيجية التنمية القروية، وتوفير عرض سكني مواكب لعمليات تأهيل العالم القروي، وتعزيز المساعدة المعمارية والتقنية في المناطق القروية. كما تقترح الرؤية توظيف حظيرة السكن الشاغر، وأفصح قسو أن هناك ما يناهز مليون وحدة سكنية شاغرة، ما يقتضي وضع إجراءات تحفيزية، وتنصيص حالات الإعفاء، ودور الوساطة للقطاع الخاص. وتتضمن الرؤية محاور أخرى ترمي إلى تحسين نجاعة عمليات القضاء على السكن الصفيحي، من خلال تركيز الجهود على المدن التي تعرف تحديا للسكن الصفيحي، وإعادة توجيه نشاط القطاع العام في قطاع السكن نحو المجالات الأصلية، أي مجالات تعبئة العقار الاجتماعي، ومشاريع التنمية الحضرية، والتدخل في العالم القروي، وتكثيف العرض من الأراضي بالثامنة المناسبة، وهي الأولوية التي تستدعي بحسب معدي الرؤية، “إطلاق برنامج لتعبئة العقار العمومي والخاص، وضبط السوق العقاري لإحداث دينامية جديدة، وتكوين احتياطيات عقارية لمواجهة الحاجيات المستقبلية”..