حذر خبراء ومتخصصون في مجال الماء من أضرار “تعليب المياه”، ومن استمرار “كذبة” المياه المعدنية التي تسوق بالمغرب. وقال المتدخلون، في ندوة نظمها الحزب الاشتراكي الموحد بمقره المركزي بالبيضاء حول المخاطر الاقتصادية والبيولوجية للمياه المعدنية على المواطن المغربي، إن المملكة تلزمها اليوم تسطير اختيارات جديدة في المجال الزراعي والفلاحي لأن المياه الجوفية أصبحت نادرة، والفلاح البسيط لم يعد يجد ماء”، ودعوا إلى تنوير الرأي العام المغربي حول ما يمكن أن يتعرض له من أضرار عدة ناتجة عن المياه المعلبة التي تستغلها بعض الأسر. وأكد باحثون وخبراء، منضوين في لجنة الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، التابعة لحزب الاشتراكي الموحد، أن قنينات المياه المعدنية تخلف أضرارا على البيئة تمتد لمئات السنين. وفي هذا السياق، اعتبرت سليمة بلمقدم، مهندسة منظرية، الفترة الحالية التي يمر منها المغرب هي الوقت المناسب لتسليط الضوء على هذه المخاطر، مستشهدة بأرقام أشارت إليها دراسات دولية ووطنية تؤكد أن المغاربة يرمون 700 قارورة بلاستيكية في كل 10 ثوان، بمعنى 70 قارورة في الثانية الواحدة وهو ما ينذر بخطر حقيقي مقبل. وأوضحت المتحدثة ذاتها، في تقديم الندوة التي اختير لها عنوان: “المياه المعلبة – كذبة رأسمالية وكارثة بيئية”، أن المغاربة استهلكوا سنة 2017 ما يزيد عن 950 مليون لتر من الماء المعلب. وكشفت بلمقدم أن الشركات المستحوذة على الثروات المائية في المغرب اختارت بيع الماء للمغاربة بثمن مضاعف ب 1300 مرة، وهو رقم مثير يدعو إلى طرح العديد من التساؤلات. وعن البدائل الممكنة، اعتبر أحمد بخري، مهندس في الماء والبيئة، أن عودة نقاط المياه في المدن المغربية للساكنة يعد أول حل عملي، بالإضافة إلى اعتماد ماء الصنبور مصدر الماء الرئيس، مؤكدا أنه أكثر جودة من المياه المعلبة، التي تخضع ل70 تحليلا. وأكد مهدي لحلو، أستاذ جامعي في الاقتصاد، أن عودة تسيير الموارد المائية من طرف الساكنة عوض الشركات الخاصة يعد الخطوة الأولى في نقص مخاطر تعليب المياه من طرف شركات “تمارس عدة تجاوزات تشهد عليها مناطق مختلفة بالمغرب، من بينها “بنصميم”، والتي يعيش سكانها في فقر مدقع، رغم ما تتوفر عليه من ثروة مائية”. وأوضح أن “5 في المائة فقط، من مدن العالم تسير من القطاع الخاص في العالم، وهو عكس ما تحاول الدولة الترويج له لضمان استفادة بعض الشركات الخاصة والقريبة من بعض المسؤولين”. وربط مهدي الحلو، الخبير في الماء، وجود مشكلات الاحتكار في ماء التعليب بوجود عائلات كبرى تحتكر المجال، مشيرا إلى أن كل شركة من شركات المياه لها قصة حول كيفية الاستيلاء على الأراضي دون استفادة الساكنة منها. وأوضح المتحدث أن ذلك مرتبط بالوضع السياسي الذي يعرف استغلال النفوذ وعدم محاربة الفساد، مضيفا، أيضا، أن “الوكالات المفوض لها تدبير قطاع الماء بالمغرب تتعامل بطريقة مغايرة عما تتعامل به في الخارج”. فيما اعتبر الصحافي والحقوقي،محمد العوني، أنه بعد حملة المقاطعة التي عرفتها بعض الشركات، يجب الآن مقاطعة الماء المعلب، والبحث عن بدائل أخرى، ليكشف أن هناك دراسة أثبتت وجود 93 في المائة من علامات تعليب الماء بتسعة بلدان تحتوي على مواد مضرة بالصحة. من جانبه، أشار محمد حمزة، أستاذ الكيمياء، إلى خطورة المياه المعلبة بسبب عدم تعامل المستهلكين معها بشكل مناسب وواع، كاشفا أن قارورة المياه تصنع بإدماج عدد من المواد الكيماوية المختلفة، والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى أضرار صحية، خصوصا إذا رافقتها بعض السلوكيات غير الواعية، من بينها ترك القارورات في الشمس لوقت طويل، أو إعادة استعمالها أكثر من مرة. من جهتها، اعتبرت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، أن ما طرحته الندوة هو بداية لمرحلة جديدة بعدما أكدت المقاطعة الشعبية للمياه المعدنية على إرادة الشعب ورغبته في التغيير، لتجدد دعوتها إلى أن “ماء الصنبور أفضل من الماء المعلب الذي تستفيد منه عائلات معينة”. وكشفت منيب أن المغرب يعيش اليوم ندرة ماء، لكننا لا نرى أن هناك سياسات لتجاوز الأزمة المطروحة، التي باتت تتفاقم بشكل أقوى. وأشارت القيادية في فيدرالية اليسار إلى أن البلاد تلزمها اليوم، اختيارات جديدة في المجال الزراعي والفلاحي لأن المياه الجوفية صارت نادرة، والفلاح البسيط لم يعد يجد الماء. مضيفة أن المواطن بدوره ملزم بمعرفة ما يهم صحته قبل التعرض لأضرار عدة ناتجة عن الاستمرار في استهلاك المياه المعلبة، التي تستغلها بعض الجهات النافذة.