بعد الاستماع لجميع القضاة المعنيين بموضوع المتابعة من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية، التابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يواجه 5 قضاة تهمة الإخلال بواجب التحفظ والتقليل من الاحترام الواجب للمجلس الأعلى، بسبب تدويناتهم على “فايسبوك”. هذه التهم، إذا جرت المتابعة ولم يتم حفظ الملف، قد تصل عقوبتها إلى التوقيف عن مزاولة المهنة، أو الإنذار أو التوبيخ، بالرغم من أنه ليس هناك نص يحدد هذه العقوبات نظرا لعدم صدور مدونة سلوك القضاة بعد. القضاة المتابعون حاليا هم عبد الرزاق الجباري، الكاتب العام ل”نادي قضاة المغرب” والقاضي بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وأنس أحرار، عضو المكتب التنفيذي للجمعية نفسها، والمستشار بمحكمة الاستئناف في تطوان، وفتح الله الحمداني، الناشط في نادي القضاة أيضا، والقاضي بالمحكمة الابتدائية بالرباط، وعفيف البقالي، القاضي بالمحكمة الابتدائية بالعيون، ثم فتيح كمال، المستشار بمحكمة الاستئناف بمدينة تازة. وركّز التحقيق مع هؤلاء القضاة، حسب مصادر مقربة من الملف، على موضوع هذه التدوينات، التي تضمنت كلها انتقادا لحصيلة دورة المجلس الأعلى للسلطة القضائية لشهر يناير، والتي انتهت شهر يونيو الماضي، دون إصدار نتائجها بشكل رسمي، وتسريب بعض منها في وسائل الإعلام، كما تضمنت انتقادا لظروف عمل القاضي بشكل عام. وتمت دعوة المتابعين لشرح بعض العبارات التي جاءت في تدويناتهم، وماذا يقصدون بها. نادي قضاة المغرب، الذي ينتمي إليه كل القضاة المتابعين، عقد اجتماعا أول أمس، وتدارس التدوينات التي جرت المتابعة على أعضائه، وخلص إلى أنها “تتعلق كلها بإبداء الرأي في قضايا مهنية صرفة، وليس هناك أي قاض يتحدث عن موضوع سياسي أو قضية معروضة أمام المحاكم أو شيء من هذا القبيل”، يقول عبد اللطيف الشنتوف، رئيس النادي، ل”اليوم24”. وأضاف أن الكل يتحدث إما عن نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أو ظروف الاشتغال في المجال بشكل عام، “وبالتالي، ليس هناك موجب لاتخاذ إجراءات في حقهم، وإلا كان هذا خرقا للقانون”. وسجّل الشنتوف أن انتقاد المؤسسات هو أحد ركائز حرية التعبير، ويساهم في تطوير أدائها، و”بالتالي نحن نتمسك بحرية التعبير ونعتبر هذه الإجراءات انتقاصا من هذه الحرية”، قبل أن يزيد: “قلة من القضاة الذين يتحدثون اليوم. فمن أصل حوالي 4 آلاف قاض في المغرب، نسبة قليلة جدا منهم من تبدي برأيها في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. فهل من المنطقي أن ندفعهم بدورهم لالتزام الصمت؟”. من جهته، قال عبد الرزاق جباري، الكاتب العام ل”نادي قضاة المغرب”، وأحد المتابعين في هذا الملف، “إن النادي يستغرب من هذا الاستدعاء، وذلك على خلفية ممارسة حق دستوري في التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي”. واعتبر في تصريح ل”اليوم24″، أن من شأن هذه الاستدعاءات، “أن تعطي الانطباع بالتضييق على حرية التعبير، وهو ما ننزه عنه مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أوكل إليه الدستور والقانون مهام ضمان حقوق القضاة ومصالحهم المشروعة”، معبرا عن أمله في تصحيح هذا الوضع.