من المنتظر أن يدخل القانون المتعلق بالتحرش الجنسي والعنف ضد النساء حيز التنفيذ في 12 شتنبر 2018، والذي يجرم “التحرش الجنسي” ويضع له عقوبات مشددة. ويجرّم القانون الجديد بعض الأفعال باعتبارها عنفًا يُلحق ضررًا بالمرأة، كالإكراه على الزواج، والتحايل على مقتضيات مدوَّنة الأسرة المتعلقة بالنفقة والسكن، وكذلك تجريم بعض الأفعال باعتبارها صورًا من صور التحرش الجنسي، وتشديد العقوبات إذا ارتُكب التحرش في ظروف معينة ومن طرف أشخاص محددين، كزميل في العمل، أو شخص مكلف بحفظ النظام، أو أحد الأصول أو المحارم. العقوبات تتراوح من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 إلى 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية. كما يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهم، إذا ارتكب التحرش من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كان الضحية قاصرا. ونص القانون الجديد على عقوبة تتراوح بين ستة أشهر وسنة وغرامة من 10 آلاف إلى 30 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، لمن أكره شخصا على الزواج باستعمال العنف أو التهديد. وفي هذه الحالة، لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكوى الشخص المتضرر، فيما يضع التنازل عن الشكوى حدا للمتابعة ولآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره. وبالرغم من العقوبات التي نص عليها القانون الجديد، الذي يهدف إلى محاربة العنف ضد النساء وتأمين الحماية لهن، يبقى في نظر بعض الفاعلين الجمعويين قانونا “ناقصا”، نظرا إلى صعوبة مسألة “الإثبات” في واقعة التحرش. وتعتبر سعيدة الإدريسي، رئيسة الجمعية الديمقراطية للنساء المغرب بالرباط، أن هذا ليس بقانون جديد، وإنما تعديل لمقتضيات القانون الجنائي، معتبرة أنه “لا يكفل للمرأة الحماية الكافية”، فهناك تناقض بين القانون والمسطرة الجنائية، فمثلا مسألة الإثبات، “إذا استعصى على المرأة إثبات واقعة التحرش الجنسي فستتابع بتهمة الفساد”، فإشكالية الإثبات هنا تبقى عائقا كبيرا أمام الكثير من الضحايا؛ فمعرفة الشخص المتحرش وإثبات الواقعة بأدلة ملموسة هي مساطر يجب على المرأة المرور بها، مما يجعل إمكانية الإثبات صعبة للغاية. أما الإشكالية الثانية، فهي تكمن في تعريف العنف في حد ذاته، فهذا القانون يغيب العنف النفسي أو المعنوي. أي إنه لم يحمل معه أي حماية جديدة للنساء، لأنه لا يعني المرأة لوحدها، بل يشمل أفراد الأسرة (الزوج- الأبناء..)، بينما يجب أن يكون هناك قانون خاص بتجريم العنف ضد النساء. وحسب أحمد متمسك، أستاذ وباحث في علم الاجتماع، فهذا القانون خطوة جريئة أمام ظاهرة التحرش الجنسي التي اتخذت طابعا قويا مؤخرا داخل المجتمع المغربي، سواء بالقرى أو المدن. لكن تفعيله على المستوى الملموس صعب جدا، فالمجتمع المغربي أصبح يعتقد أن التحرش الجنسي شيء عادي ومسلمة من المسلمات الطبيعية، ويعتبر بشكل ذهني أن المرأة ترغب في فعل التحرش، هذا البعد الثقافي داخل لاوعي له علاقة مباشرة بالنموذج الإبيسي للمجتمع. ويرى محمد حسني الإدريسي المحامي والباحث في القانون أن هناك مبدأ “حرية الإثبات”، التي تعني أن المشتكية يمكنها أن تستعمل أي وسيلة ممكنة لإثبات الجريمة التي تزعم أنها ضحية لها، سواء شهود أو حجة مكتوبة أو قرائن، وهي ليست حججا دامغة لإثبات التحرش، لكن عند تجميعها تصبح قرائن. مديحة العسري صحافية متدربة