بين تعبيد الطرق وإنشاء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق، تتكاثر المشاريع التنموية الهادفة إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان، وهي مشاريع لا بد منها للتمكن من تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي، إلا أن الاستفادة من هذه المشاريع لا تزال متعثرة في عدد من البلدان ومنها المغرب، حيث كانت تبعات التعثر كبيرة، بظهور حراك اجتماعي احتجاجي يندد بالتأخير الذي يعرفه إنجاز العديد من المشاريع المقررة ضمن مشروع "الحسيمة منارة المتوسط". دراسة حديثة لمركز أبحاث “طفرة” صدرت اليوم الإثنين، درست تعثر المشاريع التنموية في البلدان الإفريقية النامية، قام بها الباحث مارتن ج. وليامز، خلصت إلى أن هناك فرق بين بدء مشروع وإتمامه، وإلى أنه حتى و لو كان للمحسوبية والفساد أن يفسرا السبب وراء إنجاز مشروع ما من عدمه، فإن هاتين الظاهرتين تظلان قاصرتين عن تفسير السبب وراء عدم إتمام المشاريع التي انطلقت أصلا، معتبرة أن الكثير من عثرات إتمام المشاريع مصدرها ببساطة هو أن للسياسيين الذين يمثلون الشعب بمصالح متباينة. ويعتبر “طفرة” أن دراسة تعثر المشاريع، تعطي نظرة مختلفة للأحداث التي شهدتها الحسيمة ابتداء من أكتوبر 2016، وتعزز الرؤية التي جاء بها المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير الذي يقيم برنامج تنمية إقليمالحسيمة، مضيفا أنه إذا كان قضاة المجلس لم يلاحظوا أي اختلاسات للأموال أو فساد واضح، فإنهم سجلوا ما يلي: "تبين من دراسة مكونات هذا البرنامج أنه لم ينبثق عن رؤية استراتيجية مندمجة يتقاسمها جميع الأطراف"، وأضاف: "وفيما يتعلق بحكامة البرنامج، فإن الاتفاقية-الإطار نصت على إحداث لجنة محلية للتتبع والتنسيق يترأسها عامل إقليمالحسيمة ولجنة مركزية للتتبع دون تحديد رئيسها. وقد لاحظ المجلس بهذا الخصوص أن اللجنة المحلية للتتبع والتنسيق لم تتمكن من تعبئة جميع المتدخلين بشكل يضمن المساهمة الفعلية والدينامية اللازمة". وانطلاقا من خلاصاتها، تقول الدراسة إنه يمكن التساؤل عن قدرات العمل الجماعي للمنتخبين، بين المنتمين ل"حزب العدالة والتنمية" الذي يسير الحكومة، والمنتمين ل"حزب الأصالة والمعاصرة" الذي حل أولاً في الانتخابات الجهوية بطنجة تطوانالحسيمة، كما يمكن التفكير في قواعد لمراقبة النفقات تسمح بضمان إتمام ما قد بدأ العمل فيه، وقواعد انتخابية تقلل من التمثيل النسبي بهدف الحصول على أغلبيات أكبر.