بالرغم من عدم تسجيل تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي سلم لجلالة الملك، بخصوص نتائج وخلاصات المجلس حول برنامج الحسيمة منارة المتوسط، أي غش أو اختلاسات، إلا أنه رصد عددا من الاختلالات التي تسببت في تعثر المشروع. ورصد التقرير الذي كان من نتائجه إقالة عدة مسؤولين من مناصبهم، عددا من الخروقات التي تتقاسمها عدد من المشاريع المتعثرة، حيث كشف عن طريقة التدبير المتبعة من قبل عدد من المسؤولين، مركزيا ومحليا، مما يفرض على الجميع أخذ الخلاصات من هذا الزلزال السياسي. ومن الخروقات التي رصدها التقرير، بداية فيما يتعلق بمرحلة الإعداد ، غياب رؤية استراتيجية مندمجة تتقاسمها جميع الأطراف، إذ تبين أن إعداد المشاريع المكونة لهذا البرنامج لم يتم بالدقة المطلوبة، حيث إن الجدول الزمني التوقعي لإنجازها اكتفى بتحديد المساهمات السنوية للأطراف المشاركة، إذ أنه في غياب المبالغ المرصودة لكل مشروع على حدة، تبقى هذه المساهمات ذات طابع تقديري. وكشف التقرير، فيما يخص الاتفاقية الإطار التي تم توقيعها أمام جلالة الملك بتاريخ 17 أكتوبر 2015 بتطوان والتي تشكل الإطار التعاقدي بين جميع الأطراف، أن وزارة الداخلية وولاية الجهة لم تتأكدا أن الاتفاقية كانت غير مدعمة بمستندات أساسية كقائمة المشاريع المدرجة في البرنامج والتقديرات المحينة للتكاليف المرتقبة ومصادر التمويل، عوض اقتصارها على مقتضيات ذات طابع عام. أما فيما يتعلق بحكامة البرنامج، فإن الاتفاقية الإطار نصت على إحداث لجنة محلية للتتبع والتنسيق يترأسها عامل إقليمالحسيمة ولجنة مركزية للتتبع دون تحديد رئيسها، حيث لاحظ المجلس بهذا الخصوص أن اللجنة المحلية للتتبع والتنسيق لم تتمكن من تعبئة جميع المتدخلين بشكل يضمن المساهمة الفعلية والدينامية اللازمة لانطلاق البرنامج على أسس متينة. كما انتقد التقرير اللجنة المركزية، لكونها لم تتطرق إلى نقط أساسية كالجدول الزمني لإنجاز المشاريع المبرمجة أو الميزانيات المتعلقة بها، إلا خلال اجتماعها الأول المنعقد في فبراير 2017 ،أي بعد 16 شهرا من توقيع الاتفاقية الإطار. ورصد التقرير أيضا فيما يتعلق بإنجاز البرنامج، بطء انطلاقته حيث أنه منذ التوقيع على الاتفاقية الإطار في أكتوبر 2015 وإلى غاية شهر فبراير 2017 ،لم تسجل أية مبادرة فعلية للشروع في إنجاز المشاريع من قبل أغلبية المتدخلين على المستويين المركزي والمحلي. إذ أنه من بين 644 مشروعا مبرمجا لم تسجل حصيلة سنة 2016 سوى إنجاز 5 مشاريع بقيمة 146,8 مليون درهم والبدء في إنجاز 45 مشروعا آخرا بقيمة 565 مليون درهم.