المغرب يطلب من بروكسيل السماح له بالولوج إلى بنك المعلومات الاستخباراتية الأوروبية، أسوة بباقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل مراقبة المتطرفين المغاربة بمختلف المدن الأوربية، وتأمين الأمن الروحي لأكثر من أربعة ملايين مغربي في القارة العجوز. كما يدعو نظراءه الأوروبيين إلى أخذ الدروس من الاعتداءات الإرهابية التي هزت برشلونة يومي 17 و18 غشت الماضيين، وباريس في نونبر 2015، لتقوية تبادل المعلومات بين الاستخبارات المغربية والأوروبية، في أفق أن ترقى إلى مستوى التعاون مع الأجهزة الأمنية الإسبانية. عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أصر في حوار مع وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي" بمناسبة الذكرى المئوية لاعتداء برشلونة الذي نفته خلية مغربية تتكون من 11 فردا، وأودى بحياة 16 شخصا و150 جرحا؛ على ضرورة أن يكون للمغرب الحق في الولوج إلى بنك البيانات الأمنية والاستخبارتية للشرطة الأوروبية، في ظل التهديدات المتصاعدة للجماعة الجهادية واستقطابها للمغاربة مزدوجي الجنسية. إذ شرحا قائلا: "أعتقد أن قاعدة البيانات الخاصة بأية هيئة مسؤولة عن الأمن في أوروبا، الشرطة الأوروبية، يجب تقاسمها مع دول شمال إفريقيا مثل المغرب". وأضاف أن الطلب المغربي هذا يدخل في إطار استراتيجية جديدة للمغرب، يسعى من خلالها إلى الحصول على المعلومات مباشرة حول الشباب المغاربة الأوربيين ومراقبة المتطرفين منهم. "لقد أطلقنا استراتيجية جديدة لمراقبة المغاربة المقيمين في الخارج. في الحقيقة، قمنا بالاتصال بنظرائنا الغربيين ليتقاسموا معنا البيانات التي لديهم"، يوضح الخيام. الطلب المغربي جاء بعد مصادقة البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي على قرار ينصح بتوقيع اتفاق مع المغرب من أجل تبادل البيانات ذات الطابع الشخصي. هذا دون إغفال دعوة رشيدة داتي، البرلمانية الأوروبية ووزيرة العدل سابقا، يوم 20 يوليوز المنصرم، المفوضية الأوروبية إلى الدخول في مفاوضات مع المغرب، من أجل العمل بالقرار الذي صادق عليه الاتحاد الأوروبي لتبادل المعلومات مع الرباط، باعتبارها "شريكا استراتيجيا وأساسيا للاتحاد الأوروبي". بدوره كشف مصدر أمني أوروبي، أن الشرطة الأوروبية طلبت في العديد من المناسبات بيانات استخباراتية وأمنية من المغرب، معزية، في الوقت نفسه، تحفظ الاتحاد الأوربي على منح المغرب الولوج الكامل إلى بياناته الاستخباراتية، إلى كون تشريعات حماية البيانات الخاصة بالمغرب غير متلائمة مع نظيراتها الأوروبية. لهذا، وفق "إيفي"، فالمغرب فهم الرسالة الأوروبية وبدأ في دراسة، باستشارة أوروبية، التعديلات المستقبلية القانونية من أجل تكييف تشريعه الخاص بخصوص حماية البيانات. ويرى الخيام أنه "يجب علينا استخلاص الدروس من مثل هذه الأحداث (يقصد اعتداء برشلونة)"، من أجل تعميق التعاون الاستخباراتي. وأضاف قائلا: "يجب على الأجهزة الأمنية الإسبانية إحصاء كل المغاربة الذين يتواجدون فوق التراب الإسباني، وإبلاغنا في حالة الاشتباه في أحدهم". وأشار إلى أن التعاون والتنسيق الأمني والاستخباراتي بين مدريدوالرباط "ممتاز وبدون أخطاء". في المقابل، عاد إلى انتقاد الأجهزة الأمنية الفرنسية التي لم تخبر نظيراتها المغربية حول مغربي-فرنسي، متورط مؤخرا في اعتداء إرهابي، رغم أنه كان مدرجا في "القائمة S" المخصصة للمنحرفين الخطرين. وفي ظل اختراق داعش للجالية المغربية بإسبانيا، يعتقد الخيام أن الأمن الإسباني يمتاز ب"المهنية"، غير أنه ألمح إلى أن الخلل يكمن في بعض القضايا العلقة، مثل ضرورة مراقبة الحقل الديني في الجارة الشمالية. "هناك حضور قوي للجالية المسلمة بإسبانيا، بين المعتنقين للإسلام والقادمين من بلدان أخرى. هؤلاء الأشخاص يجب تأطيرهم دينيا"، ونصح الحكومة الإسبانية بإدراج كل دور العبادة تحت "وصاية مؤسسة حكومية". ويبدو، أيضا، أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المغربية تتعامل بحذر مع قضية الانفصال في كتالونية، إذ كشف الخيام أن المكتب الذي يشرف عليه لا يتواصل بشكل مباشر مع الأمن الكتالوني، بل يمر التعاون "عبر مدريد". أكثر من ذلك، عبر الخيام عن موقفه الشخصي الرافض لانقسام وتعدد المصالح الأمنية، في هذا يقول: "أنا ضد تقسيم وتعدد المصالح المكلفة بالأمن في أي بلد.