قام كل من وزير العدل محمد أوجار، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مصطفى فارس، بالخطوة الأخيرة في تنزيل المقتضيات القانونية الجديدة، والتي تهم إحداث السلطة القضائية المستقلة. المسؤولان الحكومي والقضائي وقّعا أمس على قرار مشترك يحدث الهيئة التي نصّ عليها القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى لسلطة القضائية، وتهم تدبير المنطقة الرمادية الفاصلة بين السلطتين القضائية والتنفيذية. منطقة تضم أساسا الجانب الإداري في المجال القضائي، بما فيه كتابات الضبط في المحاكم. الخطوة الجديدة تأتي بعد خمسة أشهر من تسليم وزير العدل محمد أوجار مفاتيح رئاسة النيابة العامة إلى محمد عبد النباوي، لتفتح الهيئة المشتركة الجديدة الباب أمام مد يد السلطة القضائية لتشمل الشق الإداري في مجال العدالة، وذلك بناء على القرار الجديد. وزير العدل محمد أوجار، قال خلال الحفل الذي نظّم أمس بمقر محكمة النقض، أي في ضيافة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ إن الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية الذي تحقق خلال السنة المنصرمة، ونقل سلطات وزير العدل المرتبطة بالإشراف على عمل النيابة العامة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، "جعلا المغرب يدخل غمار تجربة جديدة ومتفردة في مجال العدالة، حيث صار تدبير قطاع العدل شأنا تتقاسمه السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، إلى جانب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة". وفي الوقت الذي تثير فيه الهندسة الجديدة للسلطات القضائية، خاصة منها الاستقلال التام للنيابة العامة رغم توليها تنفيذ السياسة الجنائية؛ حرص أوجار على القول إن هذه الهندسة مبرمجة على التنسيق والتعاون والتفاهم البناء، "كل في حدود اختصاصاته، بما لا يمس باستقلال السلطة القضائية، وبما يضمن توازن السلط وتعاونها». وذهب أوجار إلى أن إحداث الهيئة الجديدة «مظهر من مظاهر التميز الذي يطبع التجربة المغربية في الممارسة الديموقراطية والعلاقة بين السلط". وجدّد أوجار التأكيد أن وزارته لا تذخر جهدا في الاستمرار في تطوير المنظومة التشريعية، «وتجنيد كل الطاقات من أجل الدفع قدما بورش البنايات ورقمنة المحاكم لتوفير ظروف ملائمة لاشتغال السادة القضاة وموظفي كتابة الضبط، مما يمكن في النهاية من تحقيق الشعار الذي أراده جلالة الملك للقضاء لأن يكون في خدمة المواطن". من جانبه، الرئيس الأول لمحكمة النقض، مصطفى فارس، قال إن المادة 54 من القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي نصّت على إحداث هذه الهيئة المشتركة، نص واضح وحل ناجع لكل الإشكالات. فارس دعا إلى الانكباب "الجاد دون أي تردد أو انتظار، من أجل دراسة كل الملفات والنقط التي ستدرج في جدول الأعمال بعيدا عن أي منطق، إلا مصلحة الوطن وإبداع حلول ومقاربات واقعية تخول لنا بناء السلطة القضائية وتوفير كل الإمكانات لها لتؤدي رسالتها وأدوارها المنوطة بها".